التقاء دجلة والفرات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تابع لموضوع الشهيد زيد بن عليّ بن الحسين بن علي عليه السّلام

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

تابع لموضوع الشهيد زيد بن عليّ بن الحسين بن علي عليه السّلام Empty تابع لموضوع الشهيد زيد بن عليّ بن الحسين بن علي عليه السّلام

مُساهمة من طرف ابن النهرين السبت 8 يناير - 9:43

دخوله الكوفة

دخل الكوفة في شهر شوال سنة مائة وعشرين وقيل تسع عشرة، فاقام بالكوفة خمسة عشر شهراً وفي البصرة شهرين (96)، فأخذت الشيعة وغيرهم من المحكِّمة (97) تختلف إليه يبايعونه فبلغ ديوانه خمسة وعشرين ألفاً وقيل اربعون ألفاً (98) وقال أبو معَّمر: بلغ ثمانين الفاً (99) كلهم من أهل الكوفة، وبايعه من أهل المدائن والبصرة وواسط والموصل والجزيرة والريّ وخراسان وجرجان (100) خلق كثير، وفيمن بايعه من أهل الكوفة نصر بن خزيمة العبسي، ومعاوية إسحاق بن زيد بن حارثة الانصاري، وحجية الأجلح الكندي (101)، وكان نصر على احدى مجنبته، وكان معمر بن خيثم وفضيل الرسان يُدخلان الناس عليه وعليهم براقع لئلا يُعرَف موضع زيد (102).
وبايعه من فقهاء الكوفة وقضاتها ومحدّثيها عدد كثير نذكر بعضاً ممن وقفنا عليه كمثل تتعرف منه القراء أن الشهيد زيداً لم يتبعه سواد الناس ومن لا معرفة له بمقاصد الرجال الناهضين، بل الذين اتبعوه مع هؤلاء خواص الناس ومن لهم المعرفة التامة بالسبب الدافع لزيد على هذه النهضة الهاشمية التي لم يقصد بها إلا إحياء السنّة واقامة العدل، ثمّ انه اخذ يرسل دعاته إلى من تخلف من الناس في الكوفة وسائر الأمصار، وكان من رسله الفضل بن الزبير بعثه إلى ( أبي حنيفة ) يدعوه إلى بيعته فأبلغه الفضل رسالة زيد، فذكره أبو حنيفة بكل جميل وألزم الخروج معه وبعث إليه بثلاثين الف درهم ويقال دينار معونةً على جهاد عدوه. وذكر الخوارزمي أن ابا حنيفة قال: لو علمت أن الناس لا يخذلونه كما خذلوا اباه لجاهدت معه لأنه إمام بحق، ولكن أُعينه بمالي. ثمّ بعث إليه بالمال وقال للرسول: أبسط عذري عنده. وسئل أبو حنيفة عن خروج زيد فقال: ضاهى خروج رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم بدر، فقيل له: لمَ تخلفت عنه ؟ فقال: حبستني عنه ودايع الناس عرضتها على ابن أبي ليلى فلم يقبل، فخفت أن اموت مجهلاً، وكان كلما ذكر خروج زيد بكى (103).
ومن دعاته يزيد بن أبي زياد الفقيه مولى بني هاشم وصاحب عبد الرحمن بن أبي ليلى، بعثه إلى ( الرقة ) فاجابه إلى بيعته عدد كثير من أهلها وفيهم عبدة بن كثير الجرمي، فكان هو والحسن بن سعيد الفقيه رسولاه إلى خراسان. ومن دعاته أبو اليقظان عثمان بن عمير الفقيه بعثه إلى الأعمش سليمان بن مهران. وبعث سالم بن الجعد إلى زبيد الفقيه، ومن دعاته منصور بن المعتمر السلمي المحدث، بعثه يدعو الناس إليه فقُتل زيد وهو غائب، وخاف أن يكون مقصِّراً فصام سنة رجاء ان يُكفر ذلك عنه، ثمّ خرج بعد ذلك مع عبدالله بن معاوية بن عبدالله بن جعفر الطيار (104).
لم يمنع أولئك الفقهاء من الخروج معه إلاّ تخاذل الناس عنه وخوف السلطان. وكان الأعمش يقول: لولا ضرارة بي لخرجت معه، والله ليخذلنه أهل العراق وليسلمنّه كما فعلوا بجده وعمه (105).

* * *



ماهي البيعة

كانت البيعة التي أخذ الناس عليها: الدعوة إلى كتاب الله وسنة نبيه صلّى الله عليه وآله وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين واعطاء المحرومين وقسمة الفيء بين المسلمين بالسوية وردّ المظالم ونصرة أهل البيت على من نصب لهم العداوة وجهل حقهم. فكان يقول للناس: اتُبايعوني على ذلك ؟ فإذا قالوا: نعم، وضع يده على يد من بايعه ثمّ يقول عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله لتفينّ ببيعتي ولتقاتلن عدوي ولتنصحن لي في السر والعلانية. فإذا قالوا: نعم، مسح يده على يده ثمّ قال: اشهدوا عليه (106).
ولما تمت البيعة لزيد وخفقت الألوية على رأسه قال: الحمد لله الذي اكمل لي ديني، والله اني كنت لاستحي من رسول الله صلّى الله عليه وآله أن أرِد عليه الحوض غداً ولم آمر في امته بمعروف ولم أنهَ عن منكر (107)، والله ما ابالي إذا اقمت كتاب الله وسنة نبيه صلّى الله عليه وآله ان أُجّجت لي نار وقذفت فيها ثمّ صرت بعد ذلك إلى رحمة الله، والله لا ينصرني أحد إلا كان في الرفيق الأعلى مع محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين. وَيْحكم: أما ترون هذا القرآن بين أظهركم جاء به محمّد صلّى الله عليه وآله ونحن بنوه، يا معشر الفقهاء، ويا أهل الحجاز، أنا حجة الله عليكم وهذه يدي مع أيديكم على ان نقيم حدود الله ونعمل بكتاب الله ونقسم فيئكم بالسوية، فسلوني عن معالم دينكم فان لم انبئكم عما سُئلتم فولوا من شئتم ممن علمتم انه اعلم مني، والله لقد علمت علم أبي عليّ بن الحسين وعلم عليّ بن أبي طالب وصي رسول الله صلّى الله عليه وآله وعيبة علمه، والله ما كذِبت كذبة منذ عرفت يميني من شمالي، ولا انتهكت محرّماً لله يؤاخذني به (108).

* * *



غدر أهل الكوفة بزيد

ليس غدر أهل الكوفة بالشهيد زيد باكورة من نفاقهم ولا بدعاً من غرائزهم. جاء إليه جماعة من الرؤساء وذوي البصائر وأهل الحل والعقد فسألوه عما يراه في أبي بكر وعمر فتلكّأ واحتبس وما يدري ماذا يجب في ذلك الحال الرهيب حال التجمع والتحزب والتألف والتجمهر كله لمكافحة الباطل والضلال، وكيف لا يرتكب المجاز في القول وهو يقرأ على صفحات وجوههم الغدر والخذلان. فمن هنا نشاهده يقول لهم في الجواب:(ما سمعت أحداً من آبائي تبرّأ منهما، ولا يقول فيهما إلاّ خيراً) (109)، فلم يقتنع القوم منه بهذا بعد أن كان غرضهم حلّ عُرى العهود والمواثيق الصادرة منهم، فاتخذوا علامة التبرّي من الخلفاء ذنباً يستوجب به عدم النصرة والمحاماة، وصاحوا باجمعهم: إنك لم تطلب بدم أهل هذا البيت إلاّ أن وثبا على سلطانكم فانتزعاه من أيديكم.
فقال زيد: ان أشد ما أقول فيما ذكرتم أنّا كنا أحق بسلطان رسول الله صلّى الله عليه وآله من الناس أجمعين، وإن القوم استأثروا علينا ودفعونا عنه ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفراً، قد وُلوا فعدلوا في الناس أجمعين، وعملوا بالكتاب والسنة، فقالوا له: إذا لم يظلمك أولئك فلِم يظلمك هؤلاء، فلم تدعو إلى قتال قوم ليسوا لك بظالمين ؟ فقال: ان هؤلاء ظالمون لي ولكم ولانفسهم؛ وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلّى الله عليه وآله وإلى السنن أن تُحيى وإلى البدع أن تُطفأ، فان أنتم أجبتمونا سُعدتم وإن أنتم أبيتنم فلست عليكم بوكيل، ففارقوه ونكثوا بيعته (110).
فتبرأ زيد منهم وصاح: فعلوها حسينية. ولما بلغ الصادق عليه السّلام حديثهم معه تبرأ منهم؛ وقال: برئ الله ممّن تبرّأ من عمّي زيد. وقال لجماعة من أهل الكوفة سألوه عن زيد والدخول في طاعته: ( هو والله سيدنا وخيرنا ) (111)، فكتموا ما أمرهم به وتفرقوا عنه.
وانقشعت سحابة الضلال عن عصابة طابت أصولهم وأنارت أحسابهم في سماء العز والإباء، فكانوا كثيرين على الأعداء وان قلوا العدد وفارقوا العدة، نهضوا لحماية الدين الحنيف والذب عن ذرية سيد المرسلين وهم لا يزيدون على خمسمائة رجل منهم مائتان وعشرون رجل نشابة (112). ويحّدث الداودي في ( عمدة الطالب ) أنهم ثلثمائة رجل، وبينا زيد يفكر في حالة أهل الكوفة، ومرض قلوبهم وبعدهم عن رضا الرحمن، جاء إليه كثير النوى يستقيله فاقاله (113) حيث رآه لا يدفع عنه ضيماً ولا يأخذ له بِتِرة، ثم أنشد يقول:


الـحرب أقـوام لـها خُـلقوا **** ولـلتجارة والـسلطان أقـوامُ
خـير البرية من امسى تجارته **** تقوى الاله وضرب يجتلى الهامُ


صفة الحرب


لمّا عرّف زيد من يوسف بن عمر التطلب له والاستبحاث عن أمره وتتبع شيعته، وبلغه خبر الرجلين الذين أُخذا وقُتلا، خاف على نفسه ان يؤخذ غيلة فتعجل الخروج قبل الأجل الذي كان بينه وبين الامصار (114) وأمر من ثبت معه بالتهيؤ والاستعداد (115). وكان ظهوره بالكوفة ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة مائة وإحدى وعشرين.
قال ابن جرير: جمع الحكم بن الصلت أهل الكوفة في المسجد الاعظم قبل خروج زيد، وبعث إلى العرفاء والشرطة والمناكب والمقاتلة فحصرهم في المسجد، ومكث الناس ثلاثة أيّام وثلاث ليالي في المسجد الأعظم يُؤتى إليهم بالطعام والشراب من منازلهم. ونادى مناديه إلى أن أمير المؤمنين يقول: من أدركْنا زيداً في رحله فقد برئت منه الذمة. وكان يومئذ على ربع المدينة إبراهيم بن عبدالله بن جرير البجلي، وعلى ربع مذحج واسد عمر وابن أبي بذل العبدي، وعلى ربع كندة وربيعة المنذر بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، وعلى ربع تميم وهمدان محمد بن مالك الهمداني ثم الخيواني.
وفي يوم الثلاثاء قبل خروج زيد أمر الحكم بن الصلت بدروب السوق فغُلقت وغلقت أبواب المسجد على أهل الكوفة وبعث إلى يوسف بن عمر وهو ( بالحيرة ) يُعلمه الحال، فأمر يوسف مناديه فنادى في اصحابه من يأتي الكوفة ويقترب من هؤلاء القوم، فركب جعفر بن العباس الكندي في خمسين فارساً حتّى انتهى إلى ( جبانة سالم السلوي ) (116) فعرف موضعهم ورجع إليه.
وفي ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر طلبوا زيداً في دار معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الانصاري، فلم يجدوه لانه خرج من دار معاوية وفي ليلة شديدة البر ذي ظلمة، واصحابه يستضيئون بالهراوي يشعلون فيها النار، وما زالوا على هذا الحال طول ليلهم وشعارُهم كاصحاب بدر ( يا منصور أمت ).
وفي صباح يوم الأربعاء خرج يوسف بن عمر إلى تل قريب من ( الحيرة ) فنزل عليه ومعه جماعة من كبار قريش واشراف الناس، وبعث الريان بن سلمة الاراشي في الفين وثلثمائة من القيقانية معهم النشاب قوةً لصاحب شرطته العباس بن سعيد المزني.
وفي هذا اليوم بعث ( زيد ) القاسم بن كثير بن يحيى بن صالح بن يحيى بن عزيز بن عمرو بن مالك بن خزيمة التنعي ثمّ الحضرمي؛ رجلاً آخراً يقال له ( صدام ) يناديان بشعارهما: يا منصور أمت، فالتقيا مع جعفر بن العباس الكندي في ( صحراء عبد القيس ) واقتتلا معهم فقُتل صدام وارتُثّ القاسم فأُسِر وجيء به إلى ابن الصلت فكلمه فلم يردّ عليه فامر به فضُربت عنقه على باب القصر، فقالت ابنته سكينة ترثيه:


عـينُ جـودي لـقاسمِ بن كثيرِ **** بـدرورٍ مـن الـدموع غـزيرِ
أدركـتـه سـيوفُ قـوم لـئامٍ **** من أُولي الشرك والردى والشرورِ
سـوف أبـكيك مـا تغنّى حَمامٌ **** فـوق غصن من الغصون نضيرِ



لم يواف زيداً ممن بايعه في هذا اليوم غير مائتين وثمانية عشر رجلاً، فقال زيد: سبحان الله! اين الناس ؟ قيل: انهم محصورون في المسجد الأعظم، قال: والله ما هذا لمن بايعنا بعذر. وسمع نصر بن خزيمة النداء فأقبل إليه ولقي عمرو بن عبدالرحمن صاحب شرطة الحكم بن الصلت في خيله من جهينة عند دار ( الزبير بن حكيمة ) في الطريق الخارج إلى مسجد بني عدي، فقال نصر بن خزيمة: [ يا منصور أمت ] فلم يردّ عليه شيئاً فحمل عليه نصر واصحابه فقتل عمرو بن عبدالرحمن، وانهزم من كان معه، واقبل نصر إلى ( زيد ) فالتقى معه في ( جبانة الصائدين )؛ وفيها خمسمائة من أهل الشام فحمل عليهم زيد فيمن معه فهزمهم، وتحت زيد برذون بهيم اشتراه رجل من بني ( نهد ) ابن كهمس بن مروان النجاري بخمسة وعشرين ديناراً، ثمّ صار بعد زيد إلى الحكم بن الصلت. وانتهى زيد إلى باب رجل من الازد يقال له انس بن عمرو وكان ممن بايعه، فناداه زيد: يا انس اخرج إلي رحمك الله، فقد جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا، فلم يخرج إليه. فقال زيد: ما اخلفكم، قد فعلتموها، الله حسيبكم.
ومضى زيد حتّى انتهى إلى الكناسة وكان بها جماعة من أهل الشام فحمل عليهم وهزمهم، ثمّ خرج حتّى اتى ( الجبانة ) وكانت فيما بين الحيرة والكوفة ويوسف بن عمر على تل قريب من الحيرة، معه من قريش واشراف الناس نحو مائتي رجل فيهم حزام بن مرة المزني، وزمزم بن سليم التغلبي ولو اقبل على يوسف لقتله، وكان الرّيان بن سلمة يتبع أثر زيد في أهل الشام فمانعه عن التوجه نحو يوسف بن عمر فأخذ زيد على مصلى خالد بن عبدالله القسري حتّى دخل الكوفة، وقد انشعب اصحابه لمّا قصد الجبانة فذهب بعضهم نحو جبانة مخنف بن سليم، ثمّ تراجعوا إلى جبانة كندة. وبينا هم يسيرون اذ طلعت عليهم خيل اصحاب يوسف بن عمر، فلما رأوهم دخلوا زقاقاً ونجوا منهم إلا رجلاً دخل مسجداً يصلي فيه ركعتين وبعد ان فرغ خرج إلى اصحاب يوسف وقاتلهم فتكاثروا عليه وصرعوه وحمل عليه رجل بعمود فقتله، وخرج أولئك النفر الذين دخلوا الزقاق وقاتلوا اصحاب يوسف بن عمر، فاقتطع اهل الشام منهم رجلاً دخل دار عبدالله بن عوف فهجموا عليه وأسروه واتوا به إلى يوسف بن عمر فقتله.
ولما دخل زيد الكوفة أشار عليه نصر بن خزيمة بالتوجّه نحو المسجد الاعظم لاجتماع الناس فيه، فقال له زيد: انهم فعلوها حُسينيةً، فقال نصر: أمّا انا فاضرب معك بسيفي هذا حتّى أُقتل.
وبينا يسير زيد نحو المسجد الاعظم، إذ طلع عليه عبيدالله بن العباس الكندي في أهل الشام والتقى معه على باب ( عمر بن سعد بن أبي وقاص ) فاراد الحملة عبيدالله وتكعكع مولاه سلمان وبيده اللواء فصاح به: احمل يا بن الخبيثة، فحمل عليهم ولم ينصرف حتّى خضب اللواء بالدم وضرب واصل الحناط عبيدالله وقال: خذها وانا الغلام الحناط، فلم تعمل فيه شيئاً، وقال عبيدالله: قطع الله يدي ان اكلت بتفيز ابداً. ثمّ ضرب الحناط فلم يصنع شيئاً. واشتد القتال بينهم، ولكثرة من قتل من اصحاب عبيدالله فر بمن بقي معه وانتهى إلى دار ( عمرو بن حريث ) وكانت في ( السبخة ) قريبة من المسجد الاعظم.
وأقبل زيد باصحابه وانتهى إلى ( باب الفيل ) فأدخل اصحابه راياتهم من فوق الأبواب وهم يقولون: يا أهل المسجد اخرجوا إلى العز، اخرجوا إلى الدين والدنيا فانكم لستم في دين ولا دنيا. فاشرف عليهم اهل الشام يرمونهم بالحجارة من فوق المسجد.
وفي عشية الاربعاء انصرف الريان بن سلمة إلى الحيرة وخرج زيد فيمن معه فنزل ( دار الرزق ) فاتاه الريان بن سلمة وقاتله هناك قتالاً شديداً. فخرج بعض اصحاب الريان وقُتل منهم كثير وفرّ الباقون، فتبعهم اصحاب زيد من دار الرزق حتّى انتهوا إلى المسجد ورجع أهل الكوفة عشية الاربعاء بأسوأ حال.
وفي صباح يوم الخميس الثاني من صفر بعث يوسف بن عمر العباس بن سعيد المزني صاحب الشرطة في جماعة من أصحابه فاتوا زيداً وهو في ( دار الرزق ) فاقتتلوا هناك والطريق متضايق بخشب كثير للنجار، وعلى ميمنة زيد وميسرته نصر بن خزيمة العبسي، ومعاوية بن اسحاق الأنصاري، فصاح العباس باصحابه: الأرض الأرض، فنزلوا عن خيولهم واشتد القتال، فضرب نائل بن فروة نصر بن خزيمة على فخذه، وضربه نصر فقتله، ولم يلبث نصر ان مات. وقتل في هذه الصدمة من اصحاب العباس بن سعيد نحو من سبعين رجلاً وفرّ الباقون.
وفي عشية الخميس عبّأ يوسف بن عمر اصحابه وسيّرهم إلى زيد فاقتتلوا ثمّ كشفهم زيد إلى ( السبخة ) واشتد القتال فيها، فكانت الدبرة على أصحاب يوسف بن عمر، وتبعهم زيد بمن معه حتّى اخرجهم إلى بني سليم، وطاردهم في خيله ورجاله فاخذوا طريق المسناة، ثمّ ظهر لهم فيما بين ( بارق ورؤاس ) فقاتلهم، وصاحب لوائه عبدالصمد بن أبي مالك بن مسروح من بني سعد بن زيد حليف العباس بن عبدالمطلب، وكان مسروح السعدي متزوجاً صفية بنت العباس بن عبدالمطلب. وتمثل زيد يوم السبخة بأبيات ضرار بن الخطاب الفهري التي قالها يوم الخندق:


مـهلاً بني عمّنا ظلامتنا **** إنّ بـنا سَورةً من القَلَقِ
لمثلكم نحمل السيوف ولا **** نـغمز أحسابنا من الرققِ
إنّي لأُنمى إذا انتميتُ إلى **** عزّ عزيز ومعشر صدقِ
بـيض سباط كأنّ أعينهم **** تُكحل يوم الهياج بالعلقِ


وفي حديث محمد بن فرات الكوفي: كان الناس ينظرون إلى زيد يقاتل يوم السبخة وعلى رأسه صفراء تدور معه حيثما دار.
وبينا زيد يقاتل اصحاب يوسف بن عمر اذ انفصل رجل من كلب على فراس له رائع، وصار بالقرب من زيد فشتم الزهراء فاطمة، فغضب زيد، وبكى حتّى ابتلت لحيته، والتفت إلى من معه وقال: اما احد يغضب لفاطمة، أما أحد يغضب لرسول الله صلّى الله عليه وآله، اما احد يغضب لله ؟! قال سعيد بن خيثم: اتيت إلى مولى لي كان معه مشمل (117) فاخذتُه منه وتسَترت خلف النظارة والناس يومئذ فرقتان مقاتلة ونظارة، ثمّ صرت وراء الكلبي وقد تحول من فرسه وركب بغلة فضربته في عنقه فوقع رأسه بين يدي البغلة، وشد اصحابه عليّ وكادوا يرهقوني، فلما رأى اصحابنا ذلك كبروا وحملوا عليهم واستنقذوني، فركبت البغلة واتيت زيداً فقبل بين عيني وقال: ادركتَ والله ثارنا، ادركت والله شرف الدنيا والاخرة وذخرهما، ثمّ اعطاني البغلة.
وسار زيد حتّى انتهى إلى الجسر ونادى اصحابه: والله لو كنت اعلم عملاً أرضى لله من قتال هؤلاء لفعلته. وقد كنت نهيتكم ألاّ تُتْبعوا مدبراً، ولا تجهزوا على جريح؛ ولا تفتحوا باباً مغلقاً، ولكني سمعتهم يسبون علياً عليه السّلام فاقتلوهم من كل وجه، فوالله لا ينصرني رجل عليهم اليوم إلا اخذت بيده وادخلته الجنة.
واشتد القتال فكانت خيل اهل الكوفة لا تثبت لخيل اصحاب زيد، فبعث العباس بن سعيد المزني إلى يوسف بن عمر يستمده الرجال والخيل فمده بسليمان بن كيسان الكلبي في القيقانية والبخارية وهم نشابة؛ وحرص زيد حين انتهوا إليه ان يصرفهم نحو السبخة فيم يتمكن. وفي هذه الصدمة قاتل معاوية بن إسحاق حتّى قتل، وكان زيد يتمثل:


أُذُلُّ الـحياة وعِـزّ الـممات **** وكــلاًّ أراه طـعاماً وبـيلا
فـإن كـان لابـدّ مـن واحدٍ **** فسَيري إلى الموت سيراً جميلا


ولمّا جنح الليل من ليلة الجمعة الثالثة من صفر سنة 121 هـ رُمي زيد بسهم غرب اصاب جبهته ووصل إلى الدِّماغ (118) فرجع زيد ورجع اصحابه ولم يظن اصحاب يوسف بن عمر إلاّ انهم رجعوا للمساء والليل. وكان الرامي له مملوك ليوسف بن عمر اسمه راشد، ويقال من اصحابه اسمه داود بن كيسان.
وجاء بزيد اصحابُه فأدخلوه بيت حران بن كريمة مولى لبعض العرب في ( سكة البريد ) (119) في دور ( ارحب وشاكر )، وجاءوا بطبيب يقال له شقير، وفي مقاتل أبي الفرج اسمه سفيان. فقال له الطبيب: ان نزعتُه من رأسك مت، فقال: الموت اهون علَيّ مما انا فيه، فخذ الكلبتين فانتزعه. فساعة انتزعه مات رضوان الله عليه، ولعن قاتله وخاذله.
وقال سلمة بن الحر بن الحكم: في قتل زيد:



وأهلكْنا جحاجحُ من قُريشٍ**** فأمسى ذِكرهم كحديث أمسِ
وكـنّا أُسَّ مُـلكهمُ قـديماً **** ومـا مُـلكٌ يقوم بغير أُسِّ
ضـمنّا مـنهم نكلاً وحُزناً **** ولـكن لا مـحالة من تأسِّ




زيد وتقدير عمره



اتفق جمهور المؤرّخين على أنه استُشهد وله اثنتان واربعون سنة (120)، وحدّده ابن العماد في شذرات الذهب بثلاث واربعين، وابن خرداد بثمان واربعين، وعلى تصحيحنا لتقدير الولادة يكون عمره ستاً وخمسين أو سبعاً وخمسين. وتقدم اختيار ما اتُّفق عليه في تحديد سنة شهادته بالواحدة والعشرين بعد المائة الشيخ الطوسي في المصباح، والمسعودي في مروج الذهب، وابن قتيبة في المعارف، واليافعي في مرآة الجنان ج 1 ص 257، وأبو الحسن الدياربكري في تأريخ الخميس ج 2 ص 357، وابن العماد في شذرات الذهب ج 1 ص 58، ونص ابن جرير في باب مقتل زيد على الاثنتين والعشرين بعد المائة، ولم يخالف احد في تعيين شهر الشهادة في [ صفر ] وتواتر الحديث بقتله في الثالث من صفر إلا محمّد بن إسحاق خصه بالنصف منه.

* * *



مواراة الجسد الطاهر


لما قُتل اختلف اصحابه في دفنه ومواراته بصورة تخفى عن الاعداء خوفاً من اخراجه والتمثيل به، فقال بعضهم: نُلبسه درعه ونطرحه في الماء (121)، وهذه الوسيلة تمنّاها الصادق عليه السّلام، فقد قال لسليمان بن خالد: كم بين الموضع الذي واروه فيه وبين الفرات ؟ قال سليمان: قذفة حجر، فقال الصادق: سبحان! الله أفلا كنتم أوقرتُموه حديداً وقذفتموه في الفرات وكان أفضل ؟! (122).
ويمكن ان يدلنا الحديث على ان المكان المعروف له اليوم الذي يزار ويتبرك به لم يكن محل دفنه لبُعده عن الفرات بنحو ست فراسخ، فاين يقع منه قذفة الحجر ؟!
واشار بعض من حضر من اصحابه بدفنه في العباسية (123) وهي النخيلة (124). وارتأى اخرون حز رأسه وإلقاءه بين القتلى (125) حتّى لا يعرف، فلم يوافق ابنه يحيى على هذا الرأي وقال: لا والله، لا تأكل لحم أبي الكلاب (126)، يشير إلى ان هذه الوسيلة لإخفاء الجسد الطاهر عن الاعداء لا يدفع محذور التمثيل به، فان الكلاب لا تصل إليه وتتحاماه فيوجب ذلك اهتداء الاعداء إليه فيعود المحذور. قال سلمة بن ثابت: لما كثر الخلاف بين اصحابه أشرت عليهم ان ننطلق به إلى نهر هناك وندفنه فيه، فقبلوا الرأي وكان في النهر ماء كثير حتّى إذا امكنا له دفناه (127)، ووضعنا عليه الحشيش والتراب وأُجري عليه الماء (128) وكان النهر في بستان رجل يقال له [ زائدة ] (129) وقيل يعقوب (130).


اخراجه بعد الدفن

دخل يوسف بن عمر الكوفة بعد قتل زيد وتطلب مكان دفنه، ونادى مناديه، الا من اخبر بمكان دفنه فله الجائزة، فجاءه الطبيب الذي اخرج السهم وكان حاضراً دفنه فاعلمه بمكانه (131) وكان مملوكاً لعبد الحميد الرؤاسي. وقيل: انّ مملوكاً سندياً لزيد بن عليّ اخبر بمكان دفنه (132). وحدّث أبو مخنف عن كهمس: ان نبطياً كان يسقي زرعاً له بتلك الناحية رآهم حين دفنوه فاخبر به (133). وبعد ان استبان للوالي موضع دفنه، بعث العباس بن سعيد المزني، وفي نقل آخر بعث الحجاج بن القاسم بن محمد بن أبي عقيل (134)، ويقال بعث خراش بن حوشب بن يزيد الشيباني وكان على شرطة يوسف بن عمر (135).
وحُمل الجسد الطاهر على جمل وكان عليه قميص هروي، فأُلقي على باب القصر فخر كأنه جبل. فامر يوسف بن عمر بقطع رأسه وفي حديث أبي مخنف قطعَ رأسَه ابن الحكم بن الصلت، فان الحكم ابن الصلت بعث ابنه، وصاحب الشرطة العباس بن سعيد المزني لاستخراج زيد، فكره العباس ان يغلب ابن الحكم عليه فتركه وسرح الحجاج بن القاسم بن محمد بن الحكم ابنَ أبي عقيل بشيراً إلى يوسف بن عمر. فقال أبو الجويرة مولى جهينة:


قُـل لـلذين انتهكوا المحارمْ **** ورفعوا الشمع بصحرى سالمْ
كـيف وجـدتم وقعة الأكارمْ **** يا يوسف بن الحكم بن القاسمْ



صلبه


لما جيء بالجسد الطاهر وأُلقي امام الوالي وكان هناك عدد كثير من جثث اصحابه، امر بالجسد فصُلب منكوساً (136) بسوق الكناسة (137)، وصلب معه اصحابه (138) وفيهم معاوية بن إسحاق، ونصر بن خزيمة العبسي وزياد الهندي (139). وامر بحراسة زيد لئلا يُنزَل من الخشبة. وكان فيمن يحرسه زهير بن معاوية بن جديح بن الرحيل (140)، والرحيل هذا ممن خرج لحرب الحسين (141). فساء هذا الموقف رسول الله صلّى الله عليه وآله وذريته المعصومين، يقول جرير بن حازم: رأيت النبيّ صلّى الله عليه وآله في المنام متسانداً إلى جذع زيد بن عليّ وهو يقول للناس: هكذا تفعلون بولدي (142) ؟! ويحدث الموُكَّل بخشبته: أنّه رأى النبيّ صلّى الله عليه وآله في النوم واقفاً على الخشبة ويقول: هكذا تصنعون بولدي من بعدي ؟! يا بني يا زيد قتلوك قتلهم الله، صلبوك صلبهم الله (143). ففشا الحديث بين الناس وظهر بذلك فضله ومظلوميته، وعرف حتّى حراس خشبته مكانته من الشرف وصدق دعواه وانه مَحْبوّ بجنان واسعة، ومن اجل هذا لم يمنعوا من يرغب من أهل الكوفة في زيارته والتمسك بجسده المقدس. حدّث ابن تيمية في ( منهاج السنة ) (144): لما صُلب زيد كان أهل الكوفة يأتون خشبته ليلاً ويتعبّدون عندها.

* * *


زمان الصلب


لم يختلف المؤرخون في بقائه مرفوعاً على الخشبة زمناً طويلاً حتّى اتخذته الفاختة وكراً (145) تنعى لرسول الله صلّى الله عليه وآله العدل والإصلاح والمكارم والإباء، وانما كان الخلاف في تحديد تلك المدة، وكل يرتئي قدراً حسب القرائن المتوفرة عليه، والمتحصل من كلام المؤرخين اراء ستة ( أ ) سنة واشهر ( ب ) سنتين ( ج ) ثلاث سنين ( د ) اربع سنين ( هـ) خمس سنين ( و ) ست سنين (146). ولعل السر في اختيار الاول والثاني الاعتماد على ما حدّث به بعض المؤرخين من ان هشاماً هو الذي امر باحراقه، كما يمكن ان يكون الوجه في اختيار الثالث والرابع مقايسة اختيار سنة الشهادة إلى تصحيح الحديث الحاكي أمر الوليد بن يزيد بن عبدالملك (147) باحراقه عند ظهور يحيى بن زيد سنة 125، كتب إلى يوسف بن عمر: إذا اتاك كتابي فأنزل عجل أهل العراق وانسفه في اليمّ نسفا، فلما وقف على الكتاب امر خراش بن حوشب فأنزله من جذعه واحرقه بالنار وجعله في قواصر وحمله في سفينة وذرّاه في الفرات. وفي حديث أبي حمزة الثمالي بعد ان احرقه دق عظمه بالهواوين وذرّاه بالعريض من اسفل العاقول، وإذا كان العاقول موضعاً قريباً من الفرات امكن ان يتفق الحديثان بان بعضه ذُرّي في البر وبعضه في الفرات. ولعل ما في ( تذكرة الخواص ) من ان رماده ذروه في الماء والريح، وقول ابن خلكان في ترجمة الهيثم بن عدي من ( الوفيات ) ذُرّي رماده في الرياح على شاطئ الفرات يشير إلى هذا المعنى. ولم نعرف الوجه في تعيين القول الخامس والسادس.

* * *


الكرامات التي ظهرت لزيد عليه السّلام
اثبت حفاظ الآثار من كراماته عشرة.



1. في تاريخ الشام ج 6 ص 25 وتاريخ الخميس ج 2 ص 357 والصواعق المحرقة ص 101 واسعاف الراغبين للصبان وعمدة الطالب وسبك الذهب لابن معية: كانت العنكبوت تنسج على عورته فتسترها، وفي الحدايق الوردية إذا اصبح اهل الكوفة ورأوا النسج هتكوه بالرماح فإذا جاء الليل نسجت العنكبوت عليه.
2. في مقاتل أبي الفرج: صلبوه عرياناً فارتخى بطنه من قدامه وظهره من خلفه حتّى سُترت عورته من القبل والدبر. ولعل هذا بعد ان صنعوا ذلك في نسج العنكبوت.
3. في تاريخ الشام ج 6 ص 25، وحياة الحيوان للدميري بمادة [ العنكبوت ]: لما صلبوه وجّهوا وجهه إلى جهة الفرات فدارت خشبته إلى ناحية القبلة حتّى فعلوا ذلك مراراً.
4. في امالي الشيخ الطوسي: قدم الكوفة رجل من بلنجر بعد قتل زيد فقال: ألا ترون إلى هذا الفاسق ابن الفاسق كيف قتله الله. فلم يلبث ان رماه الله بقرحتين في عينيه فطمس الله بهما بصره فقال أبو زط الكوفي: احذروا أن تتعرضوا لأهل هذا البيت إلا بخير.
5. في الحدايق الوردية: مرت على خشبته امرأة فرأته عرياناً فرمت عليه خمارها فالتاث بمشية الله تعالى وستره فصعدوا له وحلوه.
6. فيها أقبل رجلان من بني ضبة ويد كل واحد منهما في يد صاحبه حتّى قاما بحذاء الخشبة فضرب احدهما بيده على الخشبة وهو يقول: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً ان يُقَتَّلوا أو يُصلَّبوا أو تُقطَّعَ ايديهم وارجلهم من خلاف. فذهب لينحّي يده فانتثرت فيها الأُكلة ووقع على شقه فمات.
7. فيها يحدث شبيب بن غرقد قال: قدمنا الكوفة من الحج فدخلنا الكناسة ليلاً، فلما كنا بالقرب من خشبة زيد اضاء الليل، فلم نزل نسير نحوها فنفحت منها رائحة المسك، فقلت لأصحابي: هكذا توجد رائحة المصلوبين، وإذا بهاتف يقول: هكذا توجد رائحة أولاد النبيين، الذين يقضون بالحق وبه يعدلون.
8. فيها أنّ رجلاً مر على خشبته فوضع اصبعه عليها وقال: هذا جزاء الفاسق ابن الفاسق، فغاصت إصبعه في كفه.
9. فيها: ان عرزمة أخا كناسة الاسدي جلس في مجمع الأسديين بالقرب من خشبة زيد، فكان يلتقط حُصيّات ويرمي بها زيداً يصنع ذلك كل يوم، يقول إسماعيل بن اليسع العامري: فوالله الذي لا إله غيره، ما مات حتّى رأيت عينيه مرقودتين كانهما زجاحتان خضراوان.
10. فيها: لما ذُرّي رماده في الفرات استدار كهلة القمر وضاء.
هذا ما حفظه ارباب الآثار في جوامعهم، ولا أخال كل من تُتلى عليه الا ويتجلى له عمود الحق وترتفع عنه غشاوة كل شبهة، فيحفظ لبطل النهضة الهاشمية، ومصلح الأمة الإسلامية مقامه الرفيع بين المستشهَدين في سبيل قلع الفساد.

* * *


الرأس المقدس


لما قطع يوسف بن عمر رأسه بعث به وبرؤوس اصحابه إلى هشام بن عبدالملك مع زهرة بن سليم، وفي ضيعة ام الحكم ضربه الفالج فانصرف واتته جائزته من هشام (148)، ودفع هشام لمن اتاه بالرأس عشرة دراهم، ونصبه على باب دمشق (149)، ويروي (150) انه ألقى الرأس امامه فاقبل الديك ينقر رأسه فقال بعض من حضر من الشاميين.


اطردوا الديك عن ذُؤابة زيدٍ **** فـلقد كـان لا يطاه الدجاجُ



وقال المبرد في الكامل (151): قائل هذا البيت بعض الشيعة فانه رأى يوسف بن عمر الثقفي ألقى الرأس الطاهر إلى الديك ينقره.
بعث هشام بالرأس من الشام إلى مدينة الرسول صلّى الله عليه وآله فنُصب عند قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله يوماً وليلة (152). وكان العامل على المدينة « محمد بن إبراهيم بن هشام المخزومي »، فتكلم معه ناس من أهل المدينة ان يُنزله فأبى إلاّ ذلك، فضجت المدينة بالبكاء من دور بني هاشم، وكان كيوم الحسين عليه السّلام. ونظر إلى الرأس كثير بن المطلب السهمي فكى وقال: نضّر الله وجهك ابا الحسين عليه السّلام وقتل قاتليك. وكان كثير يميل إلى بني هاشم لأن أم أبيه المطلب، أروى بنت عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، فقال له الوالي: بلغني عنك كذا وكذا، قال: هو كما بلغك، فحبسه وكتب إلى هشام بن عبدالملك يخبره فقال كثير وهو في الحبس (153):


إنّ امــرأً كـانت مـساويه **** حُـبَّ الـنبيّ لَغير ذي ذنْبِ
وكـذا بـني حـسنٍ ووالدُهُم **** من طاب في الأرحام والصُّلبِ
ويَــرَون ذنـباً إن أُحـبَّكمُ **** بـل حُـبُّكم كَـفّارةُ الـذَّنْبِ


* * *

زوجاته


تزوج ستاً من النساء، أوّلهن ريطة بنت أبي هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية، وأمها ريطة بنت الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب، وأمها بنت المطلب بن وداعة السهمي، وكانت ريطة بنت أبي هاشم من سيدات نساء بني هاشم ومجيداتهن، روت الحديث عن أبيها وبعلها (154)، وهي التي عناها أبو ثميلة الأبّار (155) بقوله (156):


فـلعلّ راحـم أم موسى والذي **** نـجّاه مـن لُـجج خِضَمّ مُزيدِ
سـيسرّ ريطة بعد حزن فؤادها **** يحيى ويحيى في الكتائب مرتدي


والثانية والثالثة من أهل الكوفة، تزوجهن أيّام إقامته في الكوفة، ويظهر من ابن خلدون (157) أنه تزوج في الكوفة باكثر من اثنتين، والكوفيتان واحدة ابنة يعقوب بن عبدالله السلمي أحد بني فرقد، والثانية ابنة عبدالله بن أبي العنس الازدي، وهذه ولدت له بنتاً ماتت في أيامه (158). والثلاثة الأُخر أمهات أولاد.

* * *


اولاده


اتفق أهل النسب وغيرهم على انه لم يخلّف إلا أربعة بنين وليس له اثنى، وهم يحيى أمُّه ريطة بنت أبي هاشم، وعيسى أمه أم ولد نوبية اسمها سكن (159)، والحسين ذو الدمعة أمه أم ولد (160)؛ ومحمد وهو أصغرهم أمه أم ولد من السند (161).


ابن النهرين
ابن النهرين
المدير العام

الجنس : ذكر
الابراج : الحمل
عدد المساهمات : 1521
تاريخ الميلاد : 28/03/1981
تاريخ التسجيل : 25/11/2010
العمر : 43

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع لموضوع الشهيد زيد بن عليّ بن الحسين بن علي عليه السّلام Empty رد: تابع لموضوع الشهيد زيد بن عليّ بن الحسين بن علي عليه السّلام

مُساهمة من طرف الأميرة الدلوعة الأحد 31 يوليو - 9:21

معلومات مفيدة يسلمووووووووو
الأميرة الدلوعة
الأميرة الدلوعة
المشرفة العامة لقسم الاسرة
المشرفة العامة لقسم الاسرة

الجنس : انثى
الابراج : الجدي
عدد المساهمات : 228
تاريخ الميلاد : 01/01/1992
تاريخ التسجيل : 01/12/2010
العمر : 32
المزاج المزاج : عالي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تابع لموضوع الشهيد زيد بن عليّ بن الحسين بن علي عليه السّلام Empty رد: تابع لموضوع الشهيد زيد بن عليّ بن الحسين بن علي عليه السّلام

مُساهمة من طرف ابن النهرين الإثنين 22 أغسطس - 10:30

يسلمو  على مرورك
ابن النهرين
ابن النهرين
المدير العام

الجنس : ذكر
الابراج : الحمل
عدد المساهمات : 1521
تاريخ الميلاد : 28/03/1981
تاريخ التسجيل : 25/11/2010
العمر : 43

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى