تجربة التحول نحو الديمقراطية في العراق بلا ديمقراطيين
صفحة 1 من اصل 1
تجربة التحول نحو الديمقراطية في العراق بلا ديمقراطيين
تجربة التحول نحو الديمقراطية في العراق بلا ديمقراطيين
الأكاديمي د. عامر حسن فياض:
حاوره - يوسف محسن
مأزق الديمقراطية العراقية منذ العالم 2003 وحتى الآن يكمن في تماثل مؤسسات الدولة مع المكونات الاثنية والقومية والدينية في المجتمع العراقي ،
حيث تمت اعادة هيكلة المجتمع عبر آليات الهوية والاصالة والتفرد في المخيلة الايديولوجية والتمركز حول الذات، ويتسم الخطاب السياسي للديمقراطية العراقية والذي هو مزيج فسيفسائي انتاج مجتمع يعاني ازمة تكوين وتشظ شديد والتمركز حول هويات ومرجعيات فكرية تتراوح بين التعايش والنزاع نتيجة للعنف المنظم الذي مارسته الدولة البعثية .ظهور تجربة التحول الديمقراطي في العراق كشفت انها فاقدة للمؤسسات والروابط الحديثة ، فاقدة للثقافة الحضرية متداخلة بوصفها عملية سياسية في شبكة الروابط القبلية والاسرية والدينية وقيم العنف الاجتماعي فضلاً عن ذلك ان المجتمع العراقي لم يستطع حتى الان انتاج واعادة انتاج الحقل السياسي ولا يمتلك مشتركات اجتماعية نتيجة تفكك الاطر السياسية والانقسام والتشرذم وبروز البنى العصبية والاحتكام الى المحاصصة وعدم الفصل بين المجال المدني والمجال السياسي وبقاء هيمنة النسق الريعي في العلاقة بين المجتمع/ الدولة. وضعف شروط الانتاج الاجتماعي. وتعاني الجماعات السياسية العراقية من غموض مفهوم مؤسسات الديمقراطية او وظائفه وادواره فضلاً عن قوة المجتمع الاهلي وكذلك انتشار ظاهرة الفساد المالي والاجتماعي وعدم الاعتماد على التنظيمات القانونية والادارية لحل المشكلات ونقص المبادرات الذاتية وضعف المجتمع على المستوى الفكري والعلمي وهشاشة النزعات الفردية وسيادة اللاعقلانية في البنية المجتمعية العراقية .
ملحق ديمقراطية ومجتمع مدني يفتح حواراً مع الاكاديمي د عامر حسن فياض / عميد كلية العلوم السياسية جامعة بغداد الغرض منه مراجعة تجربة التحول الديمقراطي في العراق.
مراجعة التجربة الديمقراطية
تجربة التحول الديمقراطي في العراق ومنذ العام 2003 تحتاج الى مراجعة دورية من قبل المثقفين والمفكرين والباحثين ، كونك اكاديمياً ومهتماً بالحقل الديمقراطي فماهو حجم السلبيات والايجابيات في هذه التجربة؟
العراق منذ العام 2003 محكوم بجدلية ثنائية ، التاريخ الدكتاتوري الشمولي للدولة العراقية والمستقبل الديمقراطي الصعب التحقيق الان وذلك لوجود ثلاث مشكلات رئيسسية المشكلة الاولى : مشكلة تثبيت السيادة الوطنية وتجاوز الاحتلال وصولا الى الاستقلال .والمشكلة الثانية : هي الارث اللاديمقراطي للدولة والمجتمع منذالتاسيس الاولي للدولة العراقية وبالذات بعد العام 1958ودخول العسكر الى السلطة السياسية، حيث ضاعت اللحظة الديمقراطية الليبرالية والتي كان يتمتع بها العراق طوال فترة النظام الملكي. المشكلة الثالثة : هي مشكلة التنازع بين الهويات الفرعية والهوية الوطنية العراقية . حيث ان تقييم التجربة العراقية في التحول الديمقراطي لا بد ان نأخذ تلك المشكلات والتي يعاني منها العراق كمجتمع ودولة ومؤسسات ، ومن المعروف ان عملية التحول والتغير الديمقراطي ليست عملية انية او سريعة، حيث ان كل التجارب الديمقراطية في العالم هي تجارب تراكم وصيروره . والاساس في اللحظة التأسيسية وانجازها بشكل صحيح ففي التحول العراقي حصل الكثير من التشوهات والمشاكل . وهذه مشاكل الولادة العسيرة والانتقال من نظام شمولي الى دولة تعددية دستورية تكاد ان تكون عروساً وسط عوانس في منطقة من العالم تسودها الدكتاتوريات
الديمقراطية التوافقية
المطلوب تشخيص هذه المشكلات . احدى المعضلات التي واجهتها الديمقراطية العراقية هي تحولها من الديمقراطية التمثيلية الى الديمقراطية التوافقية؟
الدستور لم يشر الى هذا النمط من الديمقراطية التوافقية ولكن جرى تحول من النسق التمثيلي والمطبق في الديمقراطيات الغربية الى ديمقراطية التوافق بين الطوائف والاثنيات والقوميات العراقية وقد ادت الديمقراطية التوافقية الى مشاركة القوى السياسية والتي لم تدخل في الانتخابات العام 2005 ، الديمقراطية التوافقية جعلتها تشارك في الحكومة وهذه المسألة تحصل في السياسة.
لماذا حصل ذلك ؟
هناك ادراك عند النخب السياسية العراقية والمشاركين في العملية السياسية بضرورة مشاركة الجميع في الدولة . وهذا تجاوز للدستور ولكنه تجاوز ايجابي والتوافقية عندما طبقت في تشكيل الحكومة والتوافق في اتخاذ القرارات ، هذا المدرك السياسي كان يؤكد عدم الضرر في تجاوز الدستور للوصول الى اتفاق وتوافق بين الاطراف السياسية العراقية بدون استثناء . وعندما نضع تلك الديمقراطية التوافقية في تلك اللحظة التاريخية فهي كانت علاجاً ناجحاً حتى لا تهمش جماعات سياسية او يتم اقصاؤها من العملية السياسية الجارية آنذاك وهذا الذي حصل يمكن تفهمه بشكل عقلاني وضمن ظروفه التاريخية
تنازع المكونات
من المعروف ان اغلب المجتمعات البشرية تعيش من تداخل جماعات قومية واثنية ودينية متنوعة . لماذا تتنازع هذه المكونات في العراق ؟
ان اغلب المجتمعات تعيش التعددية وهذا يعود الى طبيعة النظام السياسي والذي هو الكفيل بالانتقال بالمجتمع من حالة التنوع في الوضع السكاني الى حالة التجانس في الهوية الوطنية . النظام السياسي في العراق لم يصل الى تلك المرحلة في جمع الهويات الفرعية سواء كانت هويات قومية اواثنية او دينية
دعنا نفحص النتائج المترتبة على الديمقراطية التوافقية ؟
نتائج الديمقراطية التوافقية سميت بالمحاصصة وليست بالتوافقية السياسية وكانت نتائجها سلبية .
موت الانسان السياسي
الديمقراطية العراقية ادت الى موت الانسان السياسي اي موت الفرد الناخب وظهور الانسان الديني الطائفي الناخب؟
الانسان واحد سواء كان يحمل معتقدات دينية اوسياسية والديمقراطيات الحديثة لايمكنها ان تتجاوز الانسان بسبب معتقداته الدينية ويحق للجميع المشاركة بالعملية السياسية والعملية الانتخابية وفق ضوابط دستورية ومنظمة بقانون ، ولكن المشكلة في العراق و منذ العام 2003 ان الحياة السياسية والتعددية الحزبية غير منظمة بقانون وهذا احد العيوب في بناء التحول الديمقراطي وكان المطلوب بعد اصدار الدستور وتشكل المجلس التشريعي والانتخابات اصدار قانون الاحزاب السياسية فضلا عن قانون مفصل للانتخابات وتجاوز الانظمة القانونية والتي تنظم الانتخابات وهي تحتوي على نصوص ملتبسة وغامضة وغير واضحة ومن الممكن ان توظف سلبا في عملية التحول وكذلك الحاجة لتشكيل المجلس الاتحادي وتشكيل مجلس الخدمة العامة وهذه استحقاقات دستورية تؤدي الى ظهور الفرد الناخب وكان من الممكن ان يتحول البرلمان العراقي الى ورشة عمل منتجة للقوانين والتشريعات ونتيجة لعدم وضع هذه القوانين ، نرى العراق الآن ضرب رقماً قياسياً في عدم تشكل حكومة بعد سبعة اشهر من التصديق على الانتخابات وسوف نسجل ارقاماً قياسية في مجالات اخرى ، وكذلك ينتهي الفصل التشريعي بجلسة واحدة مفتوحة ،
الخلل الرئيسي الآخر هو عدم تحول الديمقراطية الى وعي الناس ( الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين ) رغم انها مرحلة انتقالية تتأسس فيها الاشياء ؟
تشخيص دقيق، المرحلة الراهنة التي يعيشها المجتمع العراقي والدولة ، هي مرحلة انتقالية وفي المراحل الانتقالية تتعايش كل المتناقضات وتتفجر كل الازمات ، هذه المرحلة الانتقالية هي جزء حيوي من ثلاث مراحل مرتبطة بالتحول الديمقراطي الاول : المرحلة الدستورية ، الثانية : هي مرحلة التحول الديمقراطي ، والثالثة : هي المرحلة الديمقراطية ، هناك مجتمعات متقدمة لم تصل الى المرحلة الديمقراطية كفرنسا الا في سبعينيات القرن الماضي ، ومن الصعب فكريا ان نصف المرحلة الراهنة في العراق بانها مرحلة ديمقراطية ، هكذا تصورات سوف تخلق التباسات في الوعي الاجتماعي للناس وذلك لوجود تشوهات وامراض ومشكلات وسوف يتم الربط بين الديمقراطية وهذه التشوهات التي هي انتاج تشكل الدولة العراقة منذ العشرينيات ، وهذا معناه اخراج الديمقراطية من قفص الاتهام .
تهديد الديمقراطية
من يهدد هذه التجربة والتي هي مرحلة انتقالية للديمقراطية ؟
اول المشكلات التي تهدد هذه التجربة هي طبيعة العلاقة مابين اطراف القوى السياسية المشاركة في عملية تشكل الدولة ، العلاقة بينهم هي طبيعة تصارعية وليست تنافسية، ومن المعروف ان البناء الديمقراطي لا يمكن يشيد من دون فاعلين ديمقراطيين ، سواء كان ذلك في المرحلة الدستورية او في المراحل الاخرى .
مستلزمات البناء الديمقراطي
ماهي المستلزمات السياسية التي يفترض ان تتوافر لا ستكمال البناء الديمقراطي ؟
اول هذه المستلزمات وجود دستور دائم معزز بالقوانين والتفصيلات، والدستور العراقي اقرب الى هيكل عظمي يفتقر الى المنظومة القانونية ، ثم عدم وجود قانون للانتخابات وعدم وجود مبدأ التمثيل ومجالس منتخبة وقانون احزاب سياسية ينظم التعددية الحزبية ووجود مؤسسات تصدر القوانين يالمشاركة وليس بالشخصنة ثم وضع المؤسسات التشريعية والهيئات القضائية ، وفاعلية منظمات المجتمع المدني وحرية التعبير وتداول المعلومات واستقلال الصحافة ووضع الحريات والحقوق العامة ، هذه المستلزمات السياسية من حيث المبدأ موجودة في المجتمع العراقي ولكن فيها نواقص كثيرة .
على الصعيد الاقنصادي ماهي المستلزمات مقارنة بالتجربة العراقية ؟
اولا هذه المستلزمات هي حجم النمو الاقتصادي والعلاقات التجارية مع العالم واندماج الاقتصاد الوطني بالاقتصاد العالمي واللبرلة الاقتصادية ، وتوفر سوق منتج وليس مستهلكاً فضلا عن رفع العوز الاجتماعي عن المجتمع ( الفقر ، البطالة ، التهميش ، حجم المساواة بين النساء والرجال ) والاستثمارات الاجنبية والوطنية في جميع القطاعات وتوظيف الموارد المالية والبشرية بشكلها الحقيقي ومحاربة الفساد المالي والاداري، التجربة العراقية لا تصمد امام هذه المستلزمات .
ننتقل الآن الى الحقل الاجتماعي ؟
المؤشرات الاجتماعية مهمة جدا وهي تتحدد بنوعية الحياة والاستقرار الاجتماعي ووضع المرأة والتهميش والاقصاء فضلا عن وضع الطبقات الاجتماعية الوسطى، والتي تحقق التوازن والتسويات .
الطبقة الاجتماعية الوسطى
لماذا الطبقة الوسطى قادرة على تحقيق التوازن الاجتماعي ؟
الطبقة الوسطى مؤهلة وظائفيا للمساهمة في البناء الديمقراطي وذلك لكونها تتوسط البنيات الاجتماعية وكلما كبر حجم الطبقة الاجتماعية الوسطى تتوفر فرص كبيرة في تحول المجتمع ، في الحالة العراقية نجد طبقات اجتماعية فقيرة وبشكل مدقع وهي الاكثرية وطبقة وسطى صغيرة وهشة وتتسم بعدم الفاعلية وطبقة عليا غنية وتحتكر كل شيء
ما مدى الحاجة الى الحقل الثقافي في البناء الديمقراطي ؟
يعد الحقل الثقافي من اهم الحقول وذلك لانه هذا يتميز بالحيوية والديناميكة وهو حقل تراكمي ، حيث يتم تكريس النزعات العقلانية بوصفها اداة حاكمة في المسائل السياسية والاقتصادية والفردية، اي الفرد المواطن والنزعات العلمانية والتي تخلق التمايز الوظيفي بين المؤسسات الدينية والمؤسسات السياسية وليس قطعاً او فصلاً حيث ان الديمقراطية الحقيقية لا تلغي العقائد الدينية.
النظام السياسي
اتساءل من هي المؤسسات التي تقوم بكل هذه البناءات في المجال الاقتصادي والسياسي والثقافي ؟
النظام السياسي هو الذي يقوم بكل هذه البناءات يقضي على البطالة ويرفع مستوى الافراد الاجتماعي ويخلق طبقة اجتماعية وسطى وينمي القطاع الخاص ويعزز المناهج التربوية بالعقلانية والعلمية واحترام الاقليات الدينية والقومية وتنمية روح المواطنة .
حاوره - يوسف محسن
مأزق الديمقراطية العراقية منذ العالم 2003 وحتى الآن يكمن في تماثل مؤسسات الدولة مع المكونات الاثنية والقومية والدينية في المجتمع العراقي ،
حيث تمت اعادة هيكلة المجتمع عبر آليات الهوية والاصالة والتفرد في المخيلة الايديولوجية والتمركز حول الذات، ويتسم الخطاب السياسي للديمقراطية العراقية والذي هو مزيج فسيفسائي انتاج مجتمع يعاني ازمة تكوين وتشظ شديد والتمركز حول هويات ومرجعيات فكرية تتراوح بين التعايش والنزاع نتيجة للعنف المنظم الذي مارسته الدولة البعثية .ظهور تجربة التحول الديمقراطي في العراق كشفت انها فاقدة للمؤسسات والروابط الحديثة ، فاقدة للثقافة الحضرية متداخلة بوصفها عملية سياسية في شبكة الروابط القبلية والاسرية والدينية وقيم العنف الاجتماعي فضلاً عن ذلك ان المجتمع العراقي لم يستطع حتى الان انتاج واعادة انتاج الحقل السياسي ولا يمتلك مشتركات اجتماعية نتيجة تفكك الاطر السياسية والانقسام والتشرذم وبروز البنى العصبية والاحتكام الى المحاصصة وعدم الفصل بين المجال المدني والمجال السياسي وبقاء هيمنة النسق الريعي في العلاقة بين المجتمع/ الدولة. وضعف شروط الانتاج الاجتماعي. وتعاني الجماعات السياسية العراقية من غموض مفهوم مؤسسات الديمقراطية او وظائفه وادواره فضلاً عن قوة المجتمع الاهلي وكذلك انتشار ظاهرة الفساد المالي والاجتماعي وعدم الاعتماد على التنظيمات القانونية والادارية لحل المشكلات ونقص المبادرات الذاتية وضعف المجتمع على المستوى الفكري والعلمي وهشاشة النزعات الفردية وسيادة اللاعقلانية في البنية المجتمعية العراقية .
ملحق ديمقراطية ومجتمع مدني يفتح حواراً مع الاكاديمي د عامر حسن فياض / عميد كلية العلوم السياسية جامعة بغداد الغرض منه مراجعة تجربة التحول الديمقراطي في العراق.
مراجعة التجربة الديمقراطية
تجربة التحول الديمقراطي في العراق ومنذ العام 2003 تحتاج الى مراجعة دورية من قبل المثقفين والمفكرين والباحثين ، كونك اكاديمياً ومهتماً بالحقل الديمقراطي فماهو حجم السلبيات والايجابيات في هذه التجربة؟
العراق منذ العام 2003 محكوم بجدلية ثنائية ، التاريخ الدكتاتوري الشمولي للدولة العراقية والمستقبل الديمقراطي الصعب التحقيق الان وذلك لوجود ثلاث مشكلات رئيسسية المشكلة الاولى : مشكلة تثبيت السيادة الوطنية وتجاوز الاحتلال وصولا الى الاستقلال .والمشكلة الثانية : هي الارث اللاديمقراطي للدولة والمجتمع منذالتاسيس الاولي للدولة العراقية وبالذات بعد العام 1958ودخول العسكر الى السلطة السياسية، حيث ضاعت اللحظة الديمقراطية الليبرالية والتي كان يتمتع بها العراق طوال فترة النظام الملكي. المشكلة الثالثة : هي مشكلة التنازع بين الهويات الفرعية والهوية الوطنية العراقية . حيث ان تقييم التجربة العراقية في التحول الديمقراطي لا بد ان نأخذ تلك المشكلات والتي يعاني منها العراق كمجتمع ودولة ومؤسسات ، ومن المعروف ان عملية التحول والتغير الديمقراطي ليست عملية انية او سريعة، حيث ان كل التجارب الديمقراطية في العالم هي تجارب تراكم وصيروره . والاساس في اللحظة التأسيسية وانجازها بشكل صحيح ففي التحول العراقي حصل الكثير من التشوهات والمشاكل . وهذه مشاكل الولادة العسيرة والانتقال من نظام شمولي الى دولة تعددية دستورية تكاد ان تكون عروساً وسط عوانس في منطقة من العالم تسودها الدكتاتوريات
الديمقراطية التوافقية
المطلوب تشخيص هذه المشكلات . احدى المعضلات التي واجهتها الديمقراطية العراقية هي تحولها من الديمقراطية التمثيلية الى الديمقراطية التوافقية؟
الدستور لم يشر الى هذا النمط من الديمقراطية التوافقية ولكن جرى تحول من النسق التمثيلي والمطبق في الديمقراطيات الغربية الى ديمقراطية التوافق بين الطوائف والاثنيات والقوميات العراقية وقد ادت الديمقراطية التوافقية الى مشاركة القوى السياسية والتي لم تدخل في الانتخابات العام 2005 ، الديمقراطية التوافقية جعلتها تشارك في الحكومة وهذه المسألة تحصل في السياسة.
لماذا حصل ذلك ؟
هناك ادراك عند النخب السياسية العراقية والمشاركين في العملية السياسية بضرورة مشاركة الجميع في الدولة . وهذا تجاوز للدستور ولكنه تجاوز ايجابي والتوافقية عندما طبقت في تشكيل الحكومة والتوافق في اتخاذ القرارات ، هذا المدرك السياسي كان يؤكد عدم الضرر في تجاوز الدستور للوصول الى اتفاق وتوافق بين الاطراف السياسية العراقية بدون استثناء . وعندما نضع تلك الديمقراطية التوافقية في تلك اللحظة التاريخية فهي كانت علاجاً ناجحاً حتى لا تهمش جماعات سياسية او يتم اقصاؤها من العملية السياسية الجارية آنذاك وهذا الذي حصل يمكن تفهمه بشكل عقلاني وضمن ظروفه التاريخية
تنازع المكونات
من المعروف ان اغلب المجتمعات البشرية تعيش من تداخل جماعات قومية واثنية ودينية متنوعة . لماذا تتنازع هذه المكونات في العراق ؟
ان اغلب المجتمعات تعيش التعددية وهذا يعود الى طبيعة النظام السياسي والذي هو الكفيل بالانتقال بالمجتمع من حالة التنوع في الوضع السكاني الى حالة التجانس في الهوية الوطنية . النظام السياسي في العراق لم يصل الى تلك المرحلة في جمع الهويات الفرعية سواء كانت هويات قومية اواثنية او دينية
دعنا نفحص النتائج المترتبة على الديمقراطية التوافقية ؟
نتائج الديمقراطية التوافقية سميت بالمحاصصة وليست بالتوافقية السياسية وكانت نتائجها سلبية .
موت الانسان السياسي
الديمقراطية العراقية ادت الى موت الانسان السياسي اي موت الفرد الناخب وظهور الانسان الديني الطائفي الناخب؟
الانسان واحد سواء كان يحمل معتقدات دينية اوسياسية والديمقراطيات الحديثة لايمكنها ان تتجاوز الانسان بسبب معتقداته الدينية ويحق للجميع المشاركة بالعملية السياسية والعملية الانتخابية وفق ضوابط دستورية ومنظمة بقانون ، ولكن المشكلة في العراق و منذ العام 2003 ان الحياة السياسية والتعددية الحزبية غير منظمة بقانون وهذا احد العيوب في بناء التحول الديمقراطي وكان المطلوب بعد اصدار الدستور وتشكل المجلس التشريعي والانتخابات اصدار قانون الاحزاب السياسية فضلا عن قانون مفصل للانتخابات وتجاوز الانظمة القانونية والتي تنظم الانتخابات وهي تحتوي على نصوص ملتبسة وغامضة وغير واضحة ومن الممكن ان توظف سلبا في عملية التحول وكذلك الحاجة لتشكيل المجلس الاتحادي وتشكيل مجلس الخدمة العامة وهذه استحقاقات دستورية تؤدي الى ظهور الفرد الناخب وكان من الممكن ان يتحول البرلمان العراقي الى ورشة عمل منتجة للقوانين والتشريعات ونتيجة لعدم وضع هذه القوانين ، نرى العراق الآن ضرب رقماً قياسياً في عدم تشكل حكومة بعد سبعة اشهر من التصديق على الانتخابات وسوف نسجل ارقاماً قياسية في مجالات اخرى ، وكذلك ينتهي الفصل التشريعي بجلسة واحدة مفتوحة ،
الخلل الرئيسي الآخر هو عدم تحول الديمقراطية الى وعي الناس ( الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين ) رغم انها مرحلة انتقالية تتأسس فيها الاشياء ؟
تشخيص دقيق، المرحلة الراهنة التي يعيشها المجتمع العراقي والدولة ، هي مرحلة انتقالية وفي المراحل الانتقالية تتعايش كل المتناقضات وتتفجر كل الازمات ، هذه المرحلة الانتقالية هي جزء حيوي من ثلاث مراحل مرتبطة بالتحول الديمقراطي الاول : المرحلة الدستورية ، الثانية : هي مرحلة التحول الديمقراطي ، والثالثة : هي المرحلة الديمقراطية ، هناك مجتمعات متقدمة لم تصل الى المرحلة الديمقراطية كفرنسا الا في سبعينيات القرن الماضي ، ومن الصعب فكريا ان نصف المرحلة الراهنة في العراق بانها مرحلة ديمقراطية ، هكذا تصورات سوف تخلق التباسات في الوعي الاجتماعي للناس وذلك لوجود تشوهات وامراض ومشكلات وسوف يتم الربط بين الديمقراطية وهذه التشوهات التي هي انتاج تشكل الدولة العراقة منذ العشرينيات ، وهذا معناه اخراج الديمقراطية من قفص الاتهام .
تهديد الديمقراطية
من يهدد هذه التجربة والتي هي مرحلة انتقالية للديمقراطية ؟
اول المشكلات التي تهدد هذه التجربة هي طبيعة العلاقة مابين اطراف القوى السياسية المشاركة في عملية تشكل الدولة ، العلاقة بينهم هي طبيعة تصارعية وليست تنافسية، ومن المعروف ان البناء الديمقراطي لا يمكن يشيد من دون فاعلين ديمقراطيين ، سواء كان ذلك في المرحلة الدستورية او في المراحل الاخرى .
مستلزمات البناء الديمقراطي
ماهي المستلزمات السياسية التي يفترض ان تتوافر لا ستكمال البناء الديمقراطي ؟
اول هذه المستلزمات وجود دستور دائم معزز بالقوانين والتفصيلات، والدستور العراقي اقرب الى هيكل عظمي يفتقر الى المنظومة القانونية ، ثم عدم وجود قانون للانتخابات وعدم وجود مبدأ التمثيل ومجالس منتخبة وقانون احزاب سياسية ينظم التعددية الحزبية ووجود مؤسسات تصدر القوانين يالمشاركة وليس بالشخصنة ثم وضع المؤسسات التشريعية والهيئات القضائية ، وفاعلية منظمات المجتمع المدني وحرية التعبير وتداول المعلومات واستقلال الصحافة ووضع الحريات والحقوق العامة ، هذه المستلزمات السياسية من حيث المبدأ موجودة في المجتمع العراقي ولكن فيها نواقص كثيرة .
على الصعيد الاقنصادي ماهي المستلزمات مقارنة بالتجربة العراقية ؟
اولا هذه المستلزمات هي حجم النمو الاقتصادي والعلاقات التجارية مع العالم واندماج الاقتصاد الوطني بالاقتصاد العالمي واللبرلة الاقتصادية ، وتوفر سوق منتج وليس مستهلكاً فضلا عن رفع العوز الاجتماعي عن المجتمع ( الفقر ، البطالة ، التهميش ، حجم المساواة بين النساء والرجال ) والاستثمارات الاجنبية والوطنية في جميع القطاعات وتوظيف الموارد المالية والبشرية بشكلها الحقيقي ومحاربة الفساد المالي والاداري، التجربة العراقية لا تصمد امام هذه المستلزمات .
ننتقل الآن الى الحقل الاجتماعي ؟
المؤشرات الاجتماعية مهمة جدا وهي تتحدد بنوعية الحياة والاستقرار الاجتماعي ووضع المرأة والتهميش والاقصاء فضلا عن وضع الطبقات الاجتماعية الوسطى، والتي تحقق التوازن والتسويات .
الطبقة الاجتماعية الوسطى
لماذا الطبقة الوسطى قادرة على تحقيق التوازن الاجتماعي ؟
الطبقة الوسطى مؤهلة وظائفيا للمساهمة في البناء الديمقراطي وذلك لكونها تتوسط البنيات الاجتماعية وكلما كبر حجم الطبقة الاجتماعية الوسطى تتوفر فرص كبيرة في تحول المجتمع ، في الحالة العراقية نجد طبقات اجتماعية فقيرة وبشكل مدقع وهي الاكثرية وطبقة وسطى صغيرة وهشة وتتسم بعدم الفاعلية وطبقة عليا غنية وتحتكر كل شيء
ما مدى الحاجة الى الحقل الثقافي في البناء الديمقراطي ؟
يعد الحقل الثقافي من اهم الحقول وذلك لانه هذا يتميز بالحيوية والديناميكة وهو حقل تراكمي ، حيث يتم تكريس النزعات العقلانية بوصفها اداة حاكمة في المسائل السياسية والاقتصادية والفردية، اي الفرد المواطن والنزعات العلمانية والتي تخلق التمايز الوظيفي بين المؤسسات الدينية والمؤسسات السياسية وليس قطعاً او فصلاً حيث ان الديمقراطية الحقيقية لا تلغي العقائد الدينية.
النظام السياسي
اتساءل من هي المؤسسات التي تقوم بكل هذه البناءات في المجال الاقتصادي والسياسي والثقافي ؟
النظام السياسي هو الذي يقوم بكل هذه البناءات يقضي على البطالة ويرفع مستوى الافراد الاجتماعي ويخلق طبقة اجتماعية وسطى وينمي القطاع الخاص ويعزز المناهج التربوية بالعقلانية والعلمية واحترام الاقليات الدينية والقومية وتنمية روح المواطنة .
ابن النهرين- المدير العام
- الجنس :
الابراج :
عدد المساهمات : 1521
تاريخ الميلاد : 28/03/1981
تاريخ التسجيل : 25/11/2010
العمر : 43
مواضيع مماثلة
» ريحانة العراق
» خلي صورتك على شكل خارطه العراق
» حدث طريف ، من ذاكرة العراق
» السياسة الاقتصادية في العراق
» طقوس شرب الشاي في العراق
» خلي صورتك على شكل خارطه العراق
» حدث طريف ، من ذاكرة العراق
» السياسة الاقتصادية في العراق
» طقوس شرب الشاي في العراق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى