التقاء دجلة والفرات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة السيدة زينب بنت الرسول (ص)

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

خاطرة قصة السيدة زينب بنت الرسول (ص)

مُساهمة من طرف ابن النهرين الإثنين 20 ديسمبر - 0:30

السيدة زينب بنت الرسول (ص)


الحمد لله رب العالمين وصلاة الله وسلامه على نبينا وسيدنا محمد وآله، ورحمته وبركاته على عباده الذين اصطفى للناس أجمعين محمد (ص)، وبعد فإن الهدف الذي من أجله كتب هذا البحث الوقوف على حياة السيدة زينب عليها السلام ومواقفها مع الرسول (ص) ليست بأشهر وأعرف من تلك التي كانت من أختها السيدة فاطمة {عليها السلام}.
والمراجع التي تحدثت عن هذه السيدة العظيمة ومواقفها قليلة لذلك فإن الناس لم يعرفوا عنها الكثير، فرأيت أن نعرف القراء بهذه السيدة وما كان منها في عصر حياة الرسول (ص).

طفولة زينب {عليها السلام} ونشأتها:

هي زينب بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم خاتم النبيين.
وزينب {عليها السلام}هي كبرى بنات الرسول (ص) والأولى من بين أربع بنات هن زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة {عليهم السلام} وهي ثمرة الزواج السعيد الذي جمع بين خديجة بنت خويلد {عليها السلام} ورسول الله (ص) .
ولدت زينب {عليها السلام} في السنة الثلاثين من مولد محمد (ص)، أي أنه كان يبلغ من العمر ثلاثين عاما عندما أصبح أباً لزينب التي أحبها كثيراً وكانت فرحته لا توصف برؤيتها.
أما السيدة خديجة {عليها السلام} فقد كانت السعادة والفرحة تغمرانها عندما ترى البِشر على وجه زوجها وهو يداعب ابنته الأولى.
واعتاد أهل مكة العرب عامة والأشراف منهم خاصة على إرسال صغارهم الرضع بيد مرضعات من البادية يعتنين بهم وبعدما يقارب من السنتين يعيدوهم إلى ذويهم.
بعد أن عادت زينب {عليها السلام} إلى حضن أمها خديجة عهدت بها إلى مربية تساعدها على رعايتها والسهر على راحة ابنتها.
وترعرعت زينب في كنف والدها حتى شبّت على مكارم الأخلاق ِوالآداب والخصال فكانت تلك الفتاة البالغة الطاهرة.

زواج زينب {عليها السلام} :

كانت هالة بنت خويلد أخت خديجة {عليها السلام} زوج رسول الله (ص) تقبل على أختها بين الحين والآخر، فقد كانتا قريبتان من بعضهما، وكانت هالة تعتبر السيدة خديجة أماً وأختاً لها وكم حلمت بأن تكون زينب بنت أختها {عليها السلام} زوجة لابنها أبي العاص.
من ذلك نجد أن هالة أحسنت الاختيار فهي زينب بنت محمد(ص) أحد أشراف قريش ومكانته كانت عظيمة بينهم وأمها ذات المنزلة الرفيعة والأخلاق الكريمة أيضاً. أما زينب فلم تكن بحاجة إلى تعريف, فأخلاقها كانت من أهم ما جذب خالتها لها.
كان أبو العاص قد تعرف إلى زينب من خلال الزيارات التي كان يقوم بها لخالته {عليها السلام}، ومن هناك عرف عن طباع ابنة خالته زينب وأخلاقها فزاد من ترداده على بيت خالته.
وفي إحدى الأيام فاتحت هالة أختها بنوايا ابنها الذي أختار زينب بنت محمد(ص) ذو المكانة العظيمة في قريش لتكون شريكة حياته وزوجة له.
سرت بهذا الخبر السيدة خديجة{عليها السلام} وهي ترى ابنتها وقد كبرت وأصبحت في سن الزواج ، فأي أم لا تحلم بزواج ابنتها وخاصة إذا كانت هي بكرها.
أخبرت خديجة {عليها السلام} الرسول (ص) بنوايا ابن أختها أبي العاص ورغبته في التقدم لخطبة ابنته زينب {عليها السلام}، فما كان من رسول الله (ص) إلا أن يرحب به ليكون زوجاً لابنته بعد موافقتها طبعاً؛ وكان ذلك لأن أبا العاص يلتقي نسبه من جهة الأب مع رسول الله (ص) عند الجد الثالث عبد المناف فهو أبو العاص ابن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى، وكذلك فإن نسبه يلتقي من جهة الأم مع زينب بنت محمد (ص) عند جده خويلد بن أسد بن عبد العزى.
بالإضافة إلى ذلك فإن أبا العاص على الرغم من صغر سنه فقد عرف بالخصال الكريمة والأفعال النبيلة.
وعندما ذهب أبو العاص إلى رسول الله (ص) ليخطب ابنته، قال عنه الرسول (ص): إنه نعم الصهر الكفء، هذا يعني أن محمدا ً (ص) لم يجد به عيبا،ً وطلب من الخاطب الانتظار، حتى يرى رأي ابنته في ذلك ولم يشأ الموافقة على أبي العاص قبل موافقة ابنته زينب عليه.
وهذا موقف من المواقف التي دلت على حرص الرسول (ص) على المشاورة ورغبته في معرفة رأي ابنته في هذا الموقف.
وما كان من زينب {عليها السلام} إلا أن تسكت إعلاناً منها قبول ابن خالتها أبا العاص؛ ليكون زوجاً لها تسهر على رعايته وراحته، وتشاركه فرحه وحزنه وتوفر له أسباب السعادة.
ذاع خبر خطبة أبي العاص لزينب {عليها السلام} في أرجاء مكة كلها، ففرح الناس بذلك، وأخذوا يهنئون زينب بالزوج الذي اختارته، فهو من الرجال المعدودين مالاً وتجارة في مكة، وفي الوقت نفسه يهنأ أبو العاص بالفتاة التي اختارها لتكون زوجة له، وأماً لأطفاله في المستقبل.
انتظر الجميع يوم زفاف هذين الزوجين وعندما حان الموعد المنتظر نحرت الذبائح وأقيمت الولائم، وكانت فرحة كليهما لا توصف.
عاشت زينب حياة سعيدة في كنف زوجها وكانت خير الزوجة الصالحة الكريمة لأبي العاص ، وكان هو خير الزوج الفاضل الذي أحاطها بالحب والأمان.
وشاء الله تعالى أن يكون ثمرة هذا الزواج السعيد طفلين أنجبتهما زينب {عليها السلام}.
الأول علي بن أبي العاص الذي توفي صبيا وكان رسول الله (ص) قد أردفه وراءه يوم الفتح، والثانية أمامة بنت أبي العاص التي تزوجها علي بن أبي طالب {ع} بعد وفاة فاطمة الزهراء {عليها السلام}.
كان أبو العاص يعمل بالتجارة فيضطر في بعض الأحيان للسفر إلى بلاد الشام تاركاً زوجته عند أمه هالة بنت خويلد .
ومن شدة حب أبي العاص لزوجته كان يقول فيها في سفره وبعيدا ً عنها:

ذكرت زينب لما ورّكــــت أرما فقلت سقيا لشخصٍ يسكن الحرما
بنت الأمين جزاها الله صــــالحاً وكلٌ بَعــلٍ سيثني بالذي عـلِما[1]


نزول الوحي على محمد (ص) وإسلام زينب {عليها السلام}:

عندما نقول أنه ليس من الغريب أن يكون محمد (ص) نبي الأمة فأننا نعني ذلك لعدة أسباب، فالرسول (ص) كان يتمتع بأنبل الصفات وأحسن الأخلاق؛ فقد عٌرف بصدقه وأمانته؛ ومساعدته للضعيف والفقير؛ وبتلك المحاسن التي أشتهر بها كان هو الرجل الأعظم والأكمل بين سادات قريش في مكة.
تبدأ قصة نزول الوحي عندما بدأ الرسول (ص) ينشغل في التأمل في خلق الله وهو في غار حراء.
وكان يقضي أوقاتاً طويلة في تأمله وتدبره ، وفي الجانب الآخر كانت زوجته السيدة خديجة {عليها السلام} تسأل عنه دائماً وترسل من يأتي بأخباره إليها، وكانت هي أكثر من يهيئ له الراحة والسعادة. وبعد نزول الوحي على رسول الله (ص) ، أسرعت خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل تروي له كل ما حصل مع زوجها في غار حراء، فبشرها بأنه سيكون نبي الأمة المنتظر ولكن وفي الوقت نفسه فإنه سيتعرض للتعذيب والاضطهاد من قريش.
سرت خديجة ببشارة النبي وحزنت بعد معرفتها بأن قريش لن تتبع زوجها بالدين الذي سيدعو له وعلى الرغم من ذلك كانت السيدة خديجة {عليها السلام} أول من آمن بما جاء به الرسول (ص) وأول من اتبعه.
وفي يوم نزول الوحي على سيدنا محمد (ص) كان أبو العاص في سفر تجارة ، فخرجت السيدة زينب {عليها السلام} إلى بيت والدها تطمئن على أحوالهم فإذا بها ترى أمها خديجة في حال غريب بعد عودتها من عند ورقة بن نوفل.
سألت زينب أمها عن سبب هذا الانشغال فلم تجبها إلى أن اجتمعت خديجة {عليها السلام}ببناتها الأربع زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة {عليهم السلام} وأخبرتهن بنزول الوحي على والدهم (ص) وبالرسالة التي يحملها للناس كافة.
لم يكن غريباً أن تؤمن البنات الأربع برسالة محمد (ص) فهو أبوهن والصادق الأمين قبل كل شي، فأسلم دون تردد وشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وقررت الوقوف إلى جانبه ومساندته، وهذا أقل ما يمكن فعله.
أسلم عدد قليل من رجال مكة من أمثال أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان والزبير بن العوام {عليهم السلام}وهم من الذين أيدوه وتقاسموا معه ظلم قريش وبطشهم.
وعاد أبو العاص من سفره، وكان قد سمع من المشركين بأمر الدين الجديد الذي يدعو إليه محمد (ص).
دخل على زوجته فأخبرها بكل ما سمعه، وأخذ يردد أقوال المشركين في الرسول (ص) ودينه، في تلك اللحظة وقفت السيدة زينب {عليها السلام}موقف الصمود وأخبرت زوجها بأنها أسلمت وآمنت بكل ما جاء به محمد (ص) ودعته إلى الإسلام فلم ينطق بشيء وخرج من بيته تاركاً السيدة زينب بذهولها لموقفه غير المتوقع.
وعندما عاد أبو العاص إلى بيته وجد زوجته {عليها السلام} جالسة بانتظاره فإذا به يخبرها بأن والدها محمد (ص) دعاه إلى الإسلام وترك عبادة الأصنام ودين أجداده ، فرحت زينب ظناً منها أن زوجها قد أسلم، لكنه لم يكمل ولم يبشرها بإسلامه كما ظنت فعاد الحزن ليغطي ملامح وجهها الطاهر من جديد.
بالرغم من عدم إسلام أبي العاص ألا أنه أحب محمد (ص) حباً شديدا،ً ولم يشك في صدقه لحظة واحدة، وكان مما قال لزوجته السيدة زينب {عليها السلام} في أحد الأيام عندما دعته إلى الإسلام :
" والله ما أبوك عندي بمتهم، وليس أحب إليّ من أن أسلك معك يا حبيبة في شعب واحد، ولكني أكره لك أن يقال: إن زوجك خذل قومه وكفر بآبائه إرضاء لامرأته "[2]
من هذه المواقف نجد أن السيدة زينب {عليها السلام} على الرغم من عدم إسلام زوجها فقد بقيت معه تدعوه إلى الإسلام، وتقنعه بأن ما جاء به الرسول (ص) هو من عند الله وليس هناك أحق من هذا الدين لاعتناقه. ومن ذلك نجد أيضاً أن أبا العاص لم يجبر زوجته على تكذيب والدها (ص) أو الرجوع إلى دين آبائهِ وعبادة الأصنام ِ وحتى وإن أجبرها فلم تكن هي، لتكذب أباها إرضاء لزوجها، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

السيدة زينب وموقفها من هجرة الرسول (ص):

بعد عام الحزن الذي شهد فيه الرسول (ص) ومعه بناته {عليهم السلام} وفاة كل من السيدة خديجة {عليها السلام}، وعم الرسول (ص) أبي طالب، زاد بطش وتعذيب كفار قريش للرسول (ص) .
كان محمد (ص) يجد في السيدة خديجة ملجأً لبث همومه، وكان يشكو إليها من تعذيب رجال قريش ، ويرى في عمه أبو طالب رجلاً معيناً وناصراً على قومه على الرغم من عدم إسلامه. لذلك كان وفاة هذين الشخصين العزيزين مأساة للرسول (ص) ، فحزن لذلك حزناً كبيراً وحزنت معه زينب ومعها أخواتها الثلاث {عليهم السلام} وقد وجهن كل حنانهن وحبهن أباهم (ص) للتخفيف عنه.
كانت السيدة زينب {عليها السلام} تسمع في كل يوم عن مطاردة قريش للرسول (ص) وتعذيبه، ومعه أصحابه بشتى أنواع العذاب، وهي ترى صبر والدها، وما كان منها إلا أن تدعو له بالنصر على أعداؤه ونشر دعوة الإسلام في كل مكان.
حتى كان اليوم الذي وصل فيه خبر هجرة محمد (ص) ومعه الصديق أبو بكر {رضي الله عنه}إلى يثرب ، ومطاردة رجال قريش لهما؛ لقتلهما والقضاء على خاتم الرسل والإسلام.
وكانت زينب تمضي الليالي مضطربة النفس خائفة القلب على الرسول (ص) ، ولم ترتح إلا بعد أن وصل خبر وصوله وصاحبه إلى يثرب آمنين سالمين. وبعد هجرة رسول الله (ص) إلى المدينة المنورة أمر بإحضار ابنتيه فاطمة وأم كلثوم {عليهم السلام} إلى دار الهجرة يثرب، أما رقية {عليها السلام} فقد هاجرت مع زوجها من قبل ولم يبق سوى زينب التي كانت في مأمن من بطش المشركين وتعذيبهم وهي في بيت زوجها الذي آمنها على دينها.

موقعة بدر وأثرها في نفس زينب {عليها السلام}:

بعد أن استولى المسلمون على قافلة كانت قادمة من بلاد الشام حاملةً بضائع لأهل مكة وقتل عمرو بن الحضرمي وأخذ رجال القافلة كأسرى، اشتد غضب رجال قريش، وخاصة بعد أن وصلهم أن رسول الله (ص) ينوي التعرض لقافلة أبي سفيان .
وحشد رجال قريش وأشرافها الجيوش وجروا العتاد والأسلحة؛ لمواجهة محمد (ص) ومعه أصحابه للقضاء عليهم في يثرب.
في تلك الأثناء وصلت قافلة أبي سفيان سالمة إلى مكة.
ومن أشد الأمور غرابة، أن أبا العاص زوج السيدة زينب {عليها السلام}كان قد تحالف مع المشركين وقرر الوقوف ضد رسول الله ووالد زوجته (ص) والمسلمين في موقعة بدر تاركاً زوجته وطفليه في مكة، غير آبه بزوجته وطلبها البقاء في مكة، وعدم المشاركة مع المشركين.كانت زينب {عليها السلام} تدعو الله سبحانه وتعالى أن ينصر والدها على أعداء الله ِوأن يحفظ زوجها من كل سوء على الرغم من عصيانه لله.
وبدأ القتال وواجه المشركون بعددهم الكبير رسول الله (ص) ومعه القلة المؤمنة، ولكن الله تعالى نصر رسوله والمؤمنون نصراً كبيراً وهزم أعداء الإسلام على الرغم من عدم التوافق العددي بين الجيشين.
وصل خبر انتصار المسلمين إلى مكة وكانت فرحة زينب بهذا الانتصار لا توصف، ولكن خوفها على زوجها لم يكمل تلك السعادة التي غمرتها، حتى علمت بأن زوجها لم يقتل وأنه وقع أسيراً في أيدي المسلمين .
وكان رسول الله (ص) قد رأى أبا العاص زوج ابنته ضمن الأسرى، واستبقاه عنده بعد أن أمر الصحابة أن يستوصوا بالأسرى خيراً.
( روي عن عائشة، بإسناد واه: أن أبا العاص شهد بدراً مشركاً، فأسره عبد الله بن جبير الأنصاري ، فلما بلغت أهل مكة في فداء أسراهم، جاء في فداء أبي العاص أخوه عمرو، وبعثت معه زينب بقلادة لها من جز ع ظفار-أدخلتها بها خديجة- في فداء زوجها، فلما رأى رسول الله (ص) القلادة عرفها، ورق لها وقال:" إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فعلتم"؟ قالوا: نعم .
فأخذ عليه العهد أن يخلي سبيلها إليه ، ففعل )[3].

هجرة السيدة زينب إلى يثرب:

بعد أن افتدت السيدة زينب {عليها السلام} زوجها الأسير عند رسول الله (ص) طلب الرسول من أبي العاص أن يخلي سبيل زوجته إليه ويجعلها تلحق بأبيها إلى دار الهجرة المدينة، فرضي أبو العاص على ذلك.
وكانت السيدة زينب {عليها السلام} ومعها طفليها تتجهز للحاق بأبيها في دار الإسلام بعد أن أرسل الرسول (ص) زيد بن حارثة {رضي الله عنه} ومعه صحابي آخر إلى بطن يأجج على بعد ثمانية أميال من مكة ، ليصطحبا السيدة زينب معهما إلى يثرب.
وعندما عاد أبو العاص إلى مكة أمر زوجته باللحاق بأبيها في المدينة وأمر أخاه كنانة بن الربيع بمرافقة زوجته .
قدم كنانة للسيدة زينب {عليها السلام}بعيراً تركب عليه حتى تصل إلى بطن يأجج ويكمل زيد بن حارثة الطريق إلى والدها محمد (ص) .
خرجت السيدة زينب من مكة وهي تودعها آمالة أن يخرج زوجها أبو العاص معها عائداً إلى يثرب مسلماً مؤمناً بالله مصدقاً لرسوله، على الرغم من كل ما رأته من وقوف زوجها ضد الرسول (ص) بدلاً من الوقوف إلى جانبه، ومساندته فقد تمنت له الخير دائما،ً وهذه هي صفات السيدة زينب بنت نبي الأمة محمد (ص) متسامحة محبة وداعية للخير دائماً.
عندما علم رجال قريش بخبر خروج السيدة زينب إلى أبيها لحق بها هبار بن الأسود ومعه رجل آخر من قريش فعندما لقيها روعها برمحه فإذا هي تسقط من فوق بعيرها على صخرة جعلتها تسقط جنينها، فولى الرجال من بعد ذلك هاربين.
رجع كنانة بي الربيع إلى مكة ومعه زينب حتى ترتاح من الألم والمرض الذي ألم بها وبعد عدة أيام اصطحبها مرة أخرى إلى يثرب حيث استقبلها أباها استقبالاً حاراً سعيداً برؤيتها مجدداً مع طفليها علي وأمامة.أخبرت السيدة زينب {عليها السلام}رسول الله (ص) بما فعله هبار وصاحبه، فاشتد غضب الرسول (ص) " ثم أرسل رسول الله (ص) بسرية لمعاقبة هبار وصاحبه .. وأمرهم بإحراقهم إن ظفروا بهما، ثم أرسل إليهم في اليوم التالي .. أن اقتلوهما فإنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله تعالى"[4].
وأقامت السيدة زينب {عليها السلام}مع طفليها في كنف والدها (ص) حتى العام السابع من الهجرة.

إسلام أبو العاص بن الربيع زوج السيدة زينب{عليها السلام}:

قبل فتح مكة وبينما كان أبو العاص عائداً في قافلة من رحلة تجارة من بلاد الشام إلى مكة حاملاُ معه أموال قريش التي أؤتمن عليها، تعرض لقافلته سرية بقيادة زيد بن حارثة {رضي الله عنه} ومعه مائة وسبعين رجلا ً . تمكنت هذه السرية المبعوثة من رسول الله (ص) من الحصول على كل ما تحمله تلك السرية من مال وهرب عددٌ من رجال القافلة وكان أبو العاص واحداً منهم.
وخشي أبو العاص على أموال قريش التي كان قد أؤتمن عليها، فلم يجد إلا أن يتوجه إلى مكة ليلا ً ليستجير بالسيدة زينب {عليها السلام} أن يعيد رسول الله (ص) مال قريش التي استولوا عليها من القافلة فأجارته في طلب ذلك المال." لما خرج رسول الله (ص) إلى الصبح فكبّر وكبر الناس معه، صرخت زينب من صفّة النساء : أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع.
فلما سلم رسول الله (ص) من الصلاة أقبل على الناس فقال: " أيها الناس هل سمعتم ما سمعت ؟ قالوا نعم قال: أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء كان حتى سمعت منه ما سمعتم أنه يجير على المسلمين أدناهم ثم انصرف رسول الله (ص) فدخل على ابنته فقال: أي بنية أكرمي مثواه، ولا يخلص إليك فإنك لا تحلين له ما دام مشركاً"[5] .
اجتمع رسول الله (ص) مع أصحابه بأبي العاص، فاستشار صحابته أن يردوا على أبي العاص أمواله التي أخذوها من القافلة وقال لهم: " إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم، وقد أصبتم له مالاً ، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له فأنا أحب ذلك، وإن أبيتم فهو فئ الله الذي أفاء عليكم فأنتم أحق به"[6].
اتفق الصحابة جميعاً على إعادة المال لأبي العاص كاملا ً دون نقصان.
رجع أبو العاص بالمال إلى مكة وأعطى كل واحد من قريش نصيبه من المال ثم قال:" أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام إلا أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم، فلما أداها الله إليكم فرغت منهم وأسلمت".
جمع أبو العاص أغراضه وعاد إلى يثرب قاصداً مسجد الرسول (ص) فإذا بالرسول (ص) وأصحابه يفرحون بعودته، ليكمل فرحتهم تلك بالإسلام.
وبعد إسلام أبي العاص أعاد الرسول (ص) زينب إليه بنكاحه الأول وقيل أنه أعيد إليها بنكاح جديد وعاشا من جديد معا ً والإسلام يجمعهما.

وفاة السيدة زينب {عليها السلام}:

بعد عام من التمام شمل الزوجين أبي العاص والسيدة زينب {عليها السلام}، وبعد أن عاشا حياة كريمة سعيدة في دار الإسلام مع ولديها أمامة وعلي، بدأ المرض يزداد على السيدة زينب {عليها السلام}.
وظلت زينب لازمة الفراش فترة طويلة من أثر ما تعرضت له من قبل هبار بن الأسود، وهي في طريقها إلى يثرب للهجرة.
ولم تستطع الأدوية أن تخفف من مرض زينب فسلمت أمرها لله سبحانه وتعالى.
في العام الثامن للهجرة توفيت السيدة زينب {عليها السلام}، وحزن رسول الله(ص) حزناً عظيما،ً وحزن معه زوجها أبو العاص الذي وافته المنية بعد 4 سنوات من وفاة زينب.
و" لما ماتت زينب بنت الرسول (ص) قال: اغسلنها وتراً، ثلاثاً أو خمساً، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئا من كافور، فإذا غسلتنها،فأعلمنني.
فلما غسلناها أعطانا حقوه، فقال: أشعرنها إياه" [7].
" بعد وفاة زينب {عليها السلام} مال رسول الله (ص) في قبرها، وهو مهموم ومحزون، فلما خرج سري عنه وقال: كنت ذكرى زينب وضعفها، فسألت الله تعالى أن يخفف عنها ضيق القبر وغمه، ففعل وهون عليها" [8].
وبذلك تنتهي حياة هذه الشخصية العظيمة (ص)التي وقفت دائماً مع الإسلام ووالدها نبي الأمة محمد (ص) تسانده وتواسيه وهو يتعرض لتعذيب قريش.
ضحت زينب لأجل زوجها على الرغم من شركه ووقوفه في وجه الإسلام حتى كانت هي سبباً من أسباب إسلامه.



عدل سابقا من قبل ابن النهرين في الإثنين 20 ديسمبر - 9:22 عدل 1 مرات
ابن النهرين
ابن النهرين
المدير العام

الجنس : ذكر
الابراج : الحمل
عدد المساهمات : 1521
تاريخ الميلاد : 28/03/1981
تاريخ التسجيل : 25/11/2010
العمر : 43

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خاطرة رد: قصة السيدة زينب بنت الرسول (ص)

مُساهمة من طرف الاميرة لارا الإثنين 20 ديسمبر - 2:39

جزاك الله الف الف الف.............خير

الاميرة لارا
الاميرة لارا
مشرفة على منتدى الاناقة والجمال
مشرفة على منتدى الاناقة والجمال

الجنس : انثى
الابراج : الجوزاء
عدد المساهمات : 765
تاريخ الميلاد : 31/05/1982
تاريخ التسجيل : 03/12/2010
العمر : 41

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى