تابع لموضوع الزمن السردي في انشودة المطر
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تابع لموضوع الزمن السردي في انشودة المطر
أما الحذف هنا فلم يصرح به الراوي بل تم الاستدلال عليه من خلال الثغرات في التسلسل الزمني او من وجود تقنية البياض في النص السردي ، فعندما جاء الربيع لم تتفتح الازهار ولم تتنفس السنابل فيه ولم ... ولم ... الخ .
ففي هذا البياض حذف الراوي بقية الاحداث ولم يسردها و كأن المتلقي فهم مضمون ما يقال، فالمتلقي ـ هنا ـ شارك السارد في العملية التخيلية التي سُردت له، ولم يبق بمنأى عما سرد له، ويستمر وجود الحذف الزمني باستمرار متابعـة الراوي لسـرد الاحداث ومخاطبة المومس العمياءً :
وغـداً بـحبلك تُـشنقين
وغدا ً. وأمس ... (52)
ثم سكت الراوي وتابع
. . والـف امس فكأنما مسح الزمان
حدود مالك فيه من ماضٍ وات (53)
وغدا ً. وأمس ... (52)
ثم سكت الراوي وتابع
. . والـف امس فكأنما مسح الزمان
حدود مالك فيه من ماضٍ وات (53)
وهكذا وظّفت تلك التقنية في هذا النص على نحو بارع حيث شارك المتلقي السارد في خياله وفي تصوراته و كأنه فهم المضمون دون ان يذكر له .
2 ـ تقنيتا الإبطاء (التبطئة)
وتختص تلك التقنيتان بالتقليل من سرعة السرد أي تهدئة السرد و تتجلى في ( المشهد والوقفة ) .
أ ـ المشــهد
ويسميه جينيت Scene وهو عبارة عن ( فعل محدد ـ حدث مفرد ـ يحدث في زمان ومكان محددين ، ويستغرق من الوقت الذي لا يكون فيه أي تغيير في المكان ، أو أي قطع في استمرارية الزمن )(54) وهو عكس الخلاصة فإذا كانت هذه الاخيرة اختصاراً لاحداث عدة في اقل عدد من الصفحات فإن المشهد عبارة عن تركيز و تفصيل للأحداث بكل دقائقها )(55) ، أي انه يتمحور حول الاحداث المهمة المشكلة للعمود الفقري للنص الحكائي، فالراوي لا يظهر هنا بل يترك الاحداث تتحدث عن نفسها دون تدخل منه، مما يكسب هذه المقاطع طابعاً مسرحياً مقابل الطابع السردي الصرف الذي تتصف به الخلاصة، وهوما ينعكس على مستوى القراءة على شكل إحساس بالمشاركة فيما يحدث(56) . ( ويعطي المشهد للقارئ إحساسا بالمشاركة الحادة بالفعل إذ انه يسمع عنه معاصراً وقوعه كما يقع بالضبط و في لحظة وقوعه، لا يفصل بين الفعل وسماعه ، سوى البرهة التي يستغرقها صوت الروائي في قوله )(57) . ويتجسد المشهد في ( الحوار حيث يغيب الراوي و يتقدم الكلام كحوار بين صوتين، وفي مثل هذه الحالة، تعادل مدة الزمن على مستوى الوقائع الطول الذي تستغرقه على مستوى القول )(58) ، أو قد يكون ( حادثة عرضية 000 أو قصة داخل قصة أوسع مرتبطة بالفعل الرئيس لكنها ليست جزءاً متمماً له )(59) . وتمثل قصيدة ( أغنية في شهر آب ) انموذجاً ـ فضلاً عن قصائد اخرى ـ لتلك التقنية .
2 ـ تقنيتا الإبطاء (التبطئة)
وتختص تلك التقنيتان بالتقليل من سرعة السرد أي تهدئة السرد و تتجلى في ( المشهد والوقفة ) .
أ ـ المشــهد
ويسميه جينيت Scene وهو عبارة عن ( فعل محدد ـ حدث مفرد ـ يحدث في زمان ومكان محددين ، ويستغرق من الوقت الذي لا يكون فيه أي تغيير في المكان ، أو أي قطع في استمرارية الزمن )(54) وهو عكس الخلاصة فإذا كانت هذه الاخيرة اختصاراً لاحداث عدة في اقل عدد من الصفحات فإن المشهد عبارة عن تركيز و تفصيل للأحداث بكل دقائقها )(55) ، أي انه يتمحور حول الاحداث المهمة المشكلة للعمود الفقري للنص الحكائي، فالراوي لا يظهر هنا بل يترك الاحداث تتحدث عن نفسها دون تدخل منه، مما يكسب هذه المقاطع طابعاً مسرحياً مقابل الطابع السردي الصرف الذي تتصف به الخلاصة، وهوما ينعكس على مستوى القراءة على شكل إحساس بالمشاركة فيما يحدث(56) . ( ويعطي المشهد للقارئ إحساسا بالمشاركة الحادة بالفعل إذ انه يسمع عنه معاصراً وقوعه كما يقع بالضبط و في لحظة وقوعه، لا يفصل بين الفعل وسماعه ، سوى البرهة التي يستغرقها صوت الروائي في قوله )(57) . ويتجسد المشهد في ( الحوار حيث يغيب الراوي و يتقدم الكلام كحوار بين صوتين، وفي مثل هذه الحالة، تعادل مدة الزمن على مستوى الوقائع الطول الذي تستغرقه على مستوى القول )(58) ، أو قد يكون ( حادثة عرضية 000 أو قصة داخل قصة أوسع مرتبطة بالفعل الرئيس لكنها ليست جزءاً متمماً له )(59) . وتمثل قصيدة ( أغنية في شهر آب ) انموذجاً ـ فضلاً عن قصائد اخرى ـ لتلك التقنية .
تــمـوز يــمـوت عــلـى الأفُــق
وتــغـور دمـــاه مـــع الـشـفـق
فـــي الـكـهف الـمـعتم . والـظـلماء
ْنــقــالـة اســعــاف ســــوداءْ
و كـــأن الـلـيـل قـطـيـع نـسـاءْ
كــحــل وعــبــاءاتُ ســــودُ .
الـــلـــيـــل خـــــبــــاءُ
الــلــيـلُ نـــهــارٌ مــســدود
ُنـاديـت مـربـية الأطـفـال الـزنجية :
الــلـيـل آتـــى يـــا مـرجـانـة
فـأضيئي الـنور . ومـاذا؟ إنـي جـوعانة
و . . نـسـيـت أمــا مــن أغـنـية ؟
بِـــمَ يــهـذر هـــذا الـمـذيـاعُ ؟
فـي لـندن مـوسيقى جـاز ، يـا مرجانة ،
فـألـيـهـا . . إنــــي فــرحـانـة
والــجــاز مـــن الـــدمِ ايــقـاعُ
تــمــوز يــمــوت و مــرجـانـة
كـالـغـابة تــربـض بــردانـة . . .
وتــقــولُ ، ويـخـذلـها االـنـفـسُ :
( الـليل ، الـخنزير الشرس ، الليل شقاءْ ! )
مـرجـانة . . هــل قــرع الـجـرسُ ؟
فــتـقـول ويـخـذلـهـا ا لـنـفـسُ :
( في الباب نساء ) وتعد القهوة مرجانة (60) .
وتــغـور دمـــاه مـــع الـشـفـق
فـــي الـكـهف الـمـعتم . والـظـلماء
ْنــقــالـة اســعــاف ســــوداءْ
و كـــأن الـلـيـل قـطـيـع نـسـاءْ
كــحــل وعــبــاءاتُ ســــودُ .
الـــلـــيـــل خـــــبــــاءُ
الــلــيـلُ نـــهــارٌ مــســدود
ُنـاديـت مـربـية الأطـفـال الـزنجية :
الــلـيـل آتـــى يـــا مـرجـانـة
فـأضيئي الـنور . ومـاذا؟ إنـي جـوعانة
و . . نـسـيـت أمــا مــن أغـنـية ؟
بِـــمَ يــهـذر هـــذا الـمـذيـاعُ ؟
فـي لـندن مـوسيقى جـاز ، يـا مرجانة ،
فـألـيـهـا . . إنــــي فــرحـانـة
والــجــاز مـــن الـــدمِ ايــقـاعُ
تــمــوز يــمــوت و مــرجـانـة
كـالـغـابة تــربـض بــردانـة . . .
وتــقــولُ ، ويـخـذلـها االـنـفـسُ :
( الـليل ، الـخنزير الشرس ، الليل شقاءْ ! )
مـرجـانة . . هــل قــرع الـجـرسُ ؟
فــتـقـول ويـخـذلـهـا ا لـنـفـسُ :
( في الباب نساء ) وتعد القهوة مرجانة (60) .
وهكذا تمسرحت الأحداث امام اعيننا وسارت ببطء شديد من اول وهلة، وعلى الرغم من أن القصيدة كلها رموز وإيحاءات ـ فقد بدأت بإشارة رمزية إلى موت إله الخصب والنار ( تموز ) ـ إلا أن المتلقي عاش الأحداث مع السارد لحظة بلحظة ، وكأنها وقعت على مرأى منه على خشبة المسرح لاسيما المقطع الثاني عندما قال :
نــاديــت مــربـيـة الاطــفــال
الــلـيـل أتـــى يـــا مُـرجـانـة
فأضيئي النور . . وماذا ؟ أني جوعانة ؟(61)
الــلـيـل أتـــى يـــا مُـرجـانـة
فأضيئي النور . . وماذا ؟ أني جوعانة ؟(61)
ولاحظنا ـ هنا ـ أن زمن السرد قد تطابق مع زمن الحكاية و لا يمكن أن يحدث هذا التطابق الا في هذه التقنية .
ب ـ الوقفــة
وتسمى Pausc وهي تقنية سردية توقف ( سير الزمن تماماً بغية وصف شيء ما أو التأمل في صورة ما )(62) وتقوم على ( الابطاء المفرط في عرض الاحداث لدرجة يبدو معها و كأن السرد قد توقف عن التنامي مفسحا المجال امام السارد لتقديم الكثير من التفاصيل الجزئية على مدى صفحات و صفحات )(63) . وتمثل قصيدة (حفار القبور) ـ فضلاً عن قصائد أخرى ـ انموذجا لتلك التقنية . فهي تتألف من أربعة مقاطع ، زخر كل مقطع منها بالوصف ، وقد توقف الزمن في المقطع الاول عندما بدأ الراوي بالوصف قائلا :
ب ـ الوقفــة
وتسمى Pausc وهي تقنية سردية توقف ( سير الزمن تماماً بغية وصف شيء ما أو التأمل في صورة ما )(62) وتقوم على ( الابطاء المفرط في عرض الاحداث لدرجة يبدو معها و كأن السرد قد توقف عن التنامي مفسحا المجال امام السارد لتقديم الكثير من التفاصيل الجزئية على مدى صفحات و صفحات )(63) . وتمثل قصيدة (حفار القبور) ـ فضلاً عن قصائد أخرى ـ انموذجا لتلك التقنية . فهي تتألف من أربعة مقاطع ، زخر كل مقطع منها بالوصف ، وقد توقف الزمن في المقطع الاول عندما بدأ الراوي بالوصف قائلا :
ضوء الاصيل يغيم ، كالحلم الكئيب ، على القبور
واهٍ ، كـما ابـتسم اليتامى ، أو كما بهتتْ شُموع
فـي غـيهب الـذكرى يُـهوم ظلهُن على دموعْ
والـمدْرجُ الـنائي تـهب عليه أسراب الطيورِ ،
كـالعاصفات الـسود ، كـالأشباح في بيت قديم
ْبـــــرزتْ لــتُـرعـب سـاكـنـيـه
مــــن غــرفــةٍ ظـلـمـاء فــيـه
وتـثاءب الـطللُ الـبعيد يـحدق الـليل البهيمْ
مـن يـأبه الاعـمى ومن شباكه الخربِ البليدِ .
والــجــو يـمـلـؤه الـنـعـيبْ...(64)
واهٍ ، كـما ابـتسم اليتامى ، أو كما بهتتْ شُموع
فـي غـيهب الـذكرى يُـهوم ظلهُن على دموعْ
والـمدْرجُ الـنائي تـهب عليه أسراب الطيورِ ،
كـالعاصفات الـسود ، كـالأشباح في بيت قديم
ْبـــــرزتْ لــتُـرعـب سـاكـنـيـه
مــــن غــرفــةٍ ظـلـمـاء فــيـه
وتـثاءب الـطللُ الـبعيد يـحدق الـليل البهيمْ
مـن يـأبه الاعـمى ومن شباكه الخربِ البليدِ .
والــجــو يـمـلـؤه الـنـعـيبْ...(64)
واستمر الراوي بالوصف في المقطع الثاني فأوقف سير الزمن ـ كذلك ـ عندما قال :
الـنور يـنضح مـن نـوافذ حـانةٍ عبرَ الطريقِ
وتـــكــاد رائـــحــة الــخــمـورْ
تـلقي ، عـلى الـضوء المشبعِ بالدخان وبالفتورْ
ظــلاً كـألوان حـيارى واهـياتٍ مـن حـريق
نـاءٍ . تـهوم في الدجى الضافي على وجهٍ حزين
وتـــلــوح اشـــبــاحٌ عـــجــافُ
خلفَ الزجاج . . تهيم في الضوء السرابي الغريق .
ويـشدُ حـفار الـقبور عـلى الـزجاجة باليمين ،
وكـــمــن يـــحــاذر او يــخــافُ
يـرنو الـى الـدرب الـمنقط بالمصابيح الضئال
وتـحركت شـفتاه في بطء وغمم في انخذال(65)
وتـــكــاد رائـــحــة الــخــمـورْ
تـلقي ، عـلى الـضوء المشبعِ بالدخان وبالفتورْ
ظــلاً كـألوان حـيارى واهـياتٍ مـن حـريق
نـاءٍ . تـهوم في الدجى الضافي على وجهٍ حزين
وتـــلــوح اشـــبــاحٌ عـــجــافُ
خلفَ الزجاج . . تهيم في الضوء السرابي الغريق .
ويـشدُ حـفار الـقبور عـلى الـزجاجة باليمين ،
وكـــمــن يـــحــاذر او يــخــافُ
يـرنو الـى الـدرب الـمنقط بالمصابيح الضئال
وتـحركت شـفتاه في بطء وغمم في انخذال(65)
وهكذا توقف الزمن السردي ـ في هذا المقطع أيضاً ـ عندما شرع الراوي في وصف الاشياء والشخصيات بينما علق ـ بصورة مؤقتة ـ تسلسل احداث الحكاية .
ثالثاً : مستوى التواتر
ويسمىrecit ويعني ( مسألة تكرار بعض احداث المتن الحكائي على مستوى السرد )(66) ، ويتمثل ( في العلاقة بين العملية السردية للحدث ، و التشكيل الزمني فاذا كان التتابع الزمني يعنى بحركية المسار الزمني ... فان التواتر يعنى بطبيعة هذا المسار )(67) . وقد ادخل جينيت هذا المفهوم لاول مرة 1972(68) و يُعدُ ( مظهراً من المظاهر الأساسية للزمنية السردية )(69) ، وينشأ عن هذا المظهر الزمني ثـلاث حالات(70) :
1 ـ التواتر المفرد : حيث يروى مرة واحدة ما وقع مرة واحدة .. ويسمي recit singulatif
2 ـ التواتر التكراري : حيث يروى اكثر من مرة ما حدث مرة واحدة . ويسمى recit repetitif
3 ـ التواتر التعددي : حيث يروى مرة واحدة ما حدث عدة مرات. ويسمى recit iteratif
وسيوجز البحث الاشارة الى تلك الحالات مع التطبيق *
1 ـ الحالة الاولى : التواتر المفرد
( وهو الأكثر استعمالاً في النصوص القصصية )(71) وفيه تتطابق الحكاية مع المحكي ، أي أن الراوي هنا يسرد حدثاً واحداً ، ولا يجد ضرورة لاعادة سرده مرة ثانية ، فالزمن هنا لا يتكرر الا مرة واحدة لعدم تكرار سرد الحدث . وسنقف عند إنموذج من الديوان ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ في قصيدة ( جيكور و المدينة ) قال الراوي :
ثالثاً : مستوى التواتر
ويسمىrecit ويعني ( مسألة تكرار بعض احداث المتن الحكائي على مستوى السرد )(66) ، ويتمثل ( في العلاقة بين العملية السردية للحدث ، و التشكيل الزمني فاذا كان التتابع الزمني يعنى بحركية المسار الزمني ... فان التواتر يعنى بطبيعة هذا المسار )(67) . وقد ادخل جينيت هذا المفهوم لاول مرة 1972(68) و يُعدُ ( مظهراً من المظاهر الأساسية للزمنية السردية )(69) ، وينشأ عن هذا المظهر الزمني ثـلاث حالات(70) :
1 ـ التواتر المفرد : حيث يروى مرة واحدة ما وقع مرة واحدة .. ويسمي recit singulatif
2 ـ التواتر التكراري : حيث يروى اكثر من مرة ما حدث مرة واحدة . ويسمى recit repetitif
3 ـ التواتر التعددي : حيث يروى مرة واحدة ما حدث عدة مرات. ويسمى recit iteratif
وسيوجز البحث الاشارة الى تلك الحالات مع التطبيق *
1 ـ الحالة الاولى : التواتر المفرد
( وهو الأكثر استعمالاً في النصوص القصصية )(71) وفيه تتطابق الحكاية مع المحكي ، أي أن الراوي هنا يسرد حدثاً واحداً ، ولا يجد ضرورة لاعادة سرده مرة ثانية ، فالزمن هنا لا يتكرر الا مرة واحدة لعدم تكرار سرد الحدث . وسنقف عند إنموذج من الديوان ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ في قصيدة ( جيكور و المدينة ) قال الراوي :
وتـلـتـفُ حـولـي دروب الـمـدينة :
حـبـالاً مــن الـطين يـمضغن قـلبي
ويـعطين عـن جـمرةٍ فـيه ، طـينة ،
حبالاً من النار يجلدْن عُري الحقول الحزينة
ويـحُـرقن جـيكور فـي قـاع روحـي
ويـزعـن فـيـها رمــاد الـضـغينة
دروبٌ تــقـول الاسـاطـيـر عـنـها
عـلـى مـوقـد نـام : مـا عـاد مـنها
ولا عــاد مـن ضـفة الـموت سـارٍ ،
كــــأن الــصــدى والـسـكـينة
جـنـاحـا ابـــي الـهـول فـيـها ،
جـناحان من صخرةٍ في ثراها دفينة(72)
حـبـالاً مــن الـطين يـمضغن قـلبي
ويـعطين عـن جـمرةٍ فـيه ، طـينة ،
حبالاً من النار يجلدْن عُري الحقول الحزينة
ويـحُـرقن جـيكور فـي قـاع روحـي
ويـزعـن فـيـها رمــاد الـضـغينة
دروبٌ تــقـول الاسـاطـيـر عـنـها
عـلـى مـوقـد نـام : مـا عـاد مـنها
ولا عــاد مـن ضـفة الـموت سـارٍ ،
كــــأن الــصــدى والـسـكـينة
جـنـاحـا ابـــي الـهـول فـيـها ،
جـناحان من صخرةٍ في ثراها دفينة(72)
الراوي الذاتي ـ هنا ـ سرد مرة واحدة ما حدث مرة واحدة ومن ثم ورد الزمن بصيغة منفردة ولم تظهر حاجة في تكراره .
2 ـ الحالة الثانية : التواتر التكراري
وقد يروى الحدث ـ في هذه الحالة ـ ( مرات عديدة بتغير الاسلوب وغالباً باستعمال وجهات نظر مختلفة أو حتى باستبدال الراوي الاول للحدث بغيره من شخصيات الحكاية )(73) . وتتضح هذه الحالة في قصائد عدة من الديوان ، سيقف البحث على إنموذج واحد منها في قصيدة ( المغرب العربي ) :
فالراوي ـ هنا ـ كرر جملة ( قرأت اسمي على صخرة ) اكثر من مرة بينما الحدث واحد وهو ( قراءة الاسم على صخرة ) وبتكرار سرد الحدث الواحد يتكرر الزمن تبعاً لذلك .
2 ـ الحالة الثانية : التواتر التكراري
وقد يروى الحدث ـ في هذه الحالة ـ ( مرات عديدة بتغير الاسلوب وغالباً باستعمال وجهات نظر مختلفة أو حتى باستبدال الراوي الاول للحدث بغيره من شخصيات الحكاية )(73) . وتتضح هذه الحالة في قصائد عدة من الديوان ، سيقف البحث على إنموذج واحد منها في قصيدة ( المغرب العربي ) :
فالراوي ـ هنا ـ كرر جملة ( قرأت اسمي على صخرة ) اكثر من مرة بينما الحدث واحد وهو ( قراءة الاسم على صخرة ) وبتكرار سرد الحدث الواحد يتكرر الزمن تبعاً لذلك .
قـــرأتُ اســمـي عــلـى صــخـرة
هــنـا فـــي وحــشـة الـصـحـراء
عـــلــى آجـــــرةٍ حــمــراء ،
عـلى قـبرٍ . فـكيف يحس إنسانٌ يرى قبره ؟
قـــرأت أســمـي عــلـى صـخـرة ،
عـلـى قـبـرين بـيـنهما مــدى أجـيالْ
يــجــعـل هـــــذه الــحــفـرة
تـضم أثـنين : جـد ابـي ومـحضُ رمـال
ْقـــرأتُ اســمـي عـلـى صـخـرة ...
و بــيـن اسـمـيـن فـــي الـصـحراء
ْتــنــفـس عـــالــم الاحـــيــاء
كما يجري دمُ الاعراف بين النبض والنبض(74)
هــنـا فـــي وحــشـة الـصـحـراء
عـــلــى آجـــــرةٍ حــمــراء ،
عـلى قـبرٍ . فـكيف يحس إنسانٌ يرى قبره ؟
قـــرأت أســمـي عــلـى صـخـرة ،
عـلـى قـبـرين بـيـنهما مــدى أجـيالْ
يــجــعـل هـــــذه الــحــفـرة
تـضم أثـنين : جـد ابـي ومـحضُ رمـال
ْقـــرأتُ اســمـي عـلـى صـخـرة ...
و بــيـن اسـمـيـن فـــي الـصـحراء
ْتــنــفـس عـــالــم الاحـــيــاء
كما يجري دمُ الاعراف بين النبض والنبض(74)
3ـ الحالة الثالثة . التواتر التعددي
ويعني ( حالة التكثيف السردي للزمن الطويل الممتد الذي تشعر به الذات لكن السارد يختزله في العملية السردية في جمل او فقرات او تعبيرات موجزة، ويقترن بالاحداث النمطية وهي الاحداث المألوفة التي مرت بها الذات كل يوم وكل اسبوع )(75) والمقطع النصي الواحد ـ في هذه الحالة ـ يتحمل ( تواجدات عديدة لنفس الحدث على مستوى الحكاية )(76) وتمثل ( رسالة من مقبرة ) إنموذجاً لتلك الحالة فضلاً عن قصائد أخرى في الديوان .
وعند بابي يصرخ الجائعون :
في خُبزكَ اليومي دفء الدماء
فاملأ لنا ، في كل يوم ، وعاء
من لحمك الحي الذي نشتهيه
فـنـكهة الـشـمس فـيـه
وفـيه طـعم الـهواء!(77)
في خُبزكَ اليومي دفء الدماء
فاملأ لنا ، في كل يوم ، وعاء
من لحمك الحي الذي نشتهيه
فـنـكهة الـشـمس فـيـه
وفـيه طـعم الـهواء!(77)
فعبارة كل يوم ـ هنا ـ تدل على التكثيف الزمني الشديد عوضاً عن تكرار هذا الحدث ـ ملء الوعاء ـ الذي يكرر ـ بدوره ـ الزمن السردي في هذا النص .
الخاتمـــة
تبين فيما سبق مما عرضناه من النصوص أن المؤلف الضمني في مجموعة انشودة المطر، وبإيحاء من المؤلف الحقيقي ـ السياب ـ استعمل في قصائده كل التقنيات الزمنية الخاصة بالسرد و في كل المستويات ـ الترتيب والمدة و التواتر ـ ولم يكن هذا التنوع عشوائياً بل هو تنوع مقصود سعى المؤلف ـ الضمني ـ اليه ، فقد انتقل من حركة زمنية الى أخرى و لاهداف محددة سنوضحها فيما يلي :
في تقنية الاسترجاع، تعلقت الشخصيات بالماضي تعلقاً كبيراً اذ استرجعت كل الاحداث الماضية بين الحين والاخر ولم تترك ذلك الماضي وربما يعود ذلك الى اصالة الماضي وأثره في الشخصيات القصصية و قد تجلى ذلك واضحاً في اغلب قصائد الديوان .
وعلى الرغم من استرجاع ذلك الماضي، تنبأت الشخصيات بالمستقبل القريب لذلك بدت تقنية الاستباق واضحة في قصائد عدة في الديوان ، وربما كان الهدف هو تنويع الزمن السردي بين استرجاع للماضي بكل احداثه وصوره وبين استباق للمستقبل بكل احداثه ـ ايضاً ـ وصوره .
والحال نفسه في استخدام التقنيات الزمنية الاخرى ، فلم تلخص الاحداث وتطوى الايام و الايام الا لعدم اهميتها في حياة الشخصية ، لذلك ترك المؤلف ـ وأعني الضمني ـ سردها وتجاهل احداثاً كثيرة وقعت في تلك الايام ولم يقف عندها بل سرع الزمن السردي فيها .
وفي الوقت الذي سُرع الزمن في نصوص معينة أبطئ في نصوص اخرىو توقف في نصوص اخرى و ربما يعود ذلك الى كثرة الوصف في النصوص السردية ، اما تكرار النصوص و العبارات السردية ـ في مستوى التواتر ـ فيبدو أن اهمية الاحداث هي السبب الرئيس وراء هذا التكرار ، فعندما يرغب المؤلف بتسليط الضوء على حدث معين ـ ومهم ـ يكرره بين الحين والاخر ليشد انتباه القارئ ـ الضمني ـ اليه ، والعكس صحيح في عدم تكرار تلك النصوص .
الهوامــــش
52 ـ المكان نفسه .
53 ـ المكان نفسه .
54 ـ بناء المشهد الروائي : ليون سيرميليان ، ت فاضل ثامر ، مجلة الثقافة الاجنبية ، بغداد ، عدد 3 سنة (7) ، 1987 ، 78 .
55 ـ مستويات دراسة النص الروائي ، مصدر سابق ، 163 .
56 ـ ينظر قضايا الرواية الجديدة ، جان ريكاردو ، ت صباح الجهيم ، وزارة الثقافة والارشاد القومي ، دمشق 253 .
57 ـ مستويات دراسة النص الروائي ، مصدر سابق، 168 ـ 169 ، وينظر : بناء الرواية ، مصدر سابق ، 91 ، وقضايا الرواية الجديدة ، مصدر سابق ، 253 .
58 ـ بناء المشهد الروائي ، مصدر سابق ، 80 .
59 ـ الفضاء الروائي عند جبرا ابراهيم جبرا ابراهيم جنداري جمعة ، رسالة دكتوراه مطبوعة على الالة الكاتبة ، كلية الاداب، جامعة البصرة ، 1986 ، 124 .
60 ـ الديوان ، 328 ـ 329 ـ 330 .
61 ـ نفسه ، 329 .
62 ـ البنى السردية في شعر الستينات العراقي ، دراسة نصية ، مصدر سابق ، 79 .
63 ـ مستويات دراسة النص الروائي ، مصدر سابق ، 170 .
64 ـ الديوان 543 ـ 544 .
65 ـ نفسه ، 554 .
66 ـ مستويات دراسة النص الروائي ، مصدر سابق 174 .
67 ـ بناء الزمن في الرواية المعاصرة ، رواية تيار الوعي انموجاً ، 1967 ـ 1994 د . مراد عبد الرحمن مبروك ، د . ط . مطابع الهيأة العامة المصرية للكتاب ، 123 .
68 ـ ينظر نظرية السرد من وجهة النظر الى التبئير ، مصدر سابق ، 128 .
69 ـ خطاب الحكاية ، مصدر سابق ، 129 .
70 ـ ينظر نظرية السرد من وجهة النظر الى التبئير ، مصدر سابق 128 .
* ترجمة كل المصطلحات أخذت عن كتاب خطاب الحكاية لجيرار جينيت .
71 ـ مدخل الى نظرية القصة ، مصدر سابق ، 82 .
72 ـ الديوان ، 414 .
73 ـ مدخل الى نظرية القصة ، مصدر سابق 83 .
74 ـ الديوان ، 394 ، 396 ، 400 .
75 ـ بناء الزمن في الرواية المعاصرة ، مصدر سابق 146 .
76 ـ مدخل الى نظرية القصة ، مصدر سابق 84 .
77 ـ الديوان ، 390 .
الخاتمـــة
تبين فيما سبق مما عرضناه من النصوص أن المؤلف الضمني في مجموعة انشودة المطر، وبإيحاء من المؤلف الحقيقي ـ السياب ـ استعمل في قصائده كل التقنيات الزمنية الخاصة بالسرد و في كل المستويات ـ الترتيب والمدة و التواتر ـ ولم يكن هذا التنوع عشوائياً بل هو تنوع مقصود سعى المؤلف ـ الضمني ـ اليه ، فقد انتقل من حركة زمنية الى أخرى و لاهداف محددة سنوضحها فيما يلي :
في تقنية الاسترجاع، تعلقت الشخصيات بالماضي تعلقاً كبيراً اذ استرجعت كل الاحداث الماضية بين الحين والاخر ولم تترك ذلك الماضي وربما يعود ذلك الى اصالة الماضي وأثره في الشخصيات القصصية و قد تجلى ذلك واضحاً في اغلب قصائد الديوان .
وعلى الرغم من استرجاع ذلك الماضي، تنبأت الشخصيات بالمستقبل القريب لذلك بدت تقنية الاستباق واضحة في قصائد عدة في الديوان ، وربما كان الهدف هو تنويع الزمن السردي بين استرجاع للماضي بكل احداثه وصوره وبين استباق للمستقبل بكل احداثه ـ ايضاً ـ وصوره .
والحال نفسه في استخدام التقنيات الزمنية الاخرى ، فلم تلخص الاحداث وتطوى الايام و الايام الا لعدم اهميتها في حياة الشخصية ، لذلك ترك المؤلف ـ وأعني الضمني ـ سردها وتجاهل احداثاً كثيرة وقعت في تلك الايام ولم يقف عندها بل سرع الزمن السردي فيها .
وفي الوقت الذي سُرع الزمن في نصوص معينة أبطئ في نصوص اخرىو توقف في نصوص اخرى و ربما يعود ذلك الى كثرة الوصف في النصوص السردية ، اما تكرار النصوص و العبارات السردية ـ في مستوى التواتر ـ فيبدو أن اهمية الاحداث هي السبب الرئيس وراء هذا التكرار ، فعندما يرغب المؤلف بتسليط الضوء على حدث معين ـ ومهم ـ يكرره بين الحين والاخر ليشد انتباه القارئ ـ الضمني ـ اليه ، والعكس صحيح في عدم تكرار تلك النصوص .
الهوامــــش
52 ـ المكان نفسه .
53 ـ المكان نفسه .
54 ـ بناء المشهد الروائي : ليون سيرميليان ، ت فاضل ثامر ، مجلة الثقافة الاجنبية ، بغداد ، عدد 3 سنة (7) ، 1987 ، 78 .
55 ـ مستويات دراسة النص الروائي ، مصدر سابق ، 163 .
56 ـ ينظر قضايا الرواية الجديدة ، جان ريكاردو ، ت صباح الجهيم ، وزارة الثقافة والارشاد القومي ، دمشق 253 .
57 ـ مستويات دراسة النص الروائي ، مصدر سابق، 168 ـ 169 ، وينظر : بناء الرواية ، مصدر سابق ، 91 ، وقضايا الرواية الجديدة ، مصدر سابق ، 253 .
58 ـ بناء المشهد الروائي ، مصدر سابق ، 80 .
59 ـ الفضاء الروائي عند جبرا ابراهيم جبرا ابراهيم جنداري جمعة ، رسالة دكتوراه مطبوعة على الالة الكاتبة ، كلية الاداب، جامعة البصرة ، 1986 ، 124 .
60 ـ الديوان ، 328 ـ 329 ـ 330 .
61 ـ نفسه ، 329 .
62 ـ البنى السردية في شعر الستينات العراقي ، دراسة نصية ، مصدر سابق ، 79 .
63 ـ مستويات دراسة النص الروائي ، مصدر سابق ، 170 .
64 ـ الديوان 543 ـ 544 .
65 ـ نفسه ، 554 .
66 ـ مستويات دراسة النص الروائي ، مصدر سابق 174 .
67 ـ بناء الزمن في الرواية المعاصرة ، رواية تيار الوعي انموجاً ، 1967 ـ 1994 د . مراد عبد الرحمن مبروك ، د . ط . مطابع الهيأة العامة المصرية للكتاب ، 123 .
68 ـ ينظر نظرية السرد من وجهة النظر الى التبئير ، مصدر سابق ، 128 .
69 ـ خطاب الحكاية ، مصدر سابق ، 129 .
70 ـ ينظر نظرية السرد من وجهة النظر الى التبئير ، مصدر سابق 128 .
* ترجمة كل المصطلحات أخذت عن كتاب خطاب الحكاية لجيرار جينيت .
71 ـ مدخل الى نظرية القصة ، مصدر سابق ، 82 .
72 ـ الديوان ، 414 .
73 ـ مدخل الى نظرية القصة ، مصدر سابق 83 .
74 ـ الديوان ، 394 ، 396 ، 400 .
75 ـ بناء الزمن في الرواية المعاصرة ، مصدر سابق 146 .
76 ـ مدخل الى نظرية القصة ، مصدر سابق 84 .
77 ـ الديوان ، 390 .
ابن النهرين- المدير العام
- الجنس :
الابراج :
عدد المساهمات : 1521
تاريخ الميلاد : 28/03/1981
تاريخ التسجيل : 25/11/2010
العمر : 43
رد: تابع لموضوع الزمن السردي في انشودة المطر
دووم الابداع ياغالي
الاميرة لارا- مشرفة على منتدى الاناقة والجمال
- الجنس :
الابراج :
عدد المساهمات : 765
تاريخ الميلاد : 31/05/1982
تاريخ التسجيل : 03/12/2010
العمر : 42
رد: تابع لموضوع الزمن السردي في انشودة المطر
العيون النرجسية كتب:دووم الابداع ياغالي
تسسسسسسسسسسسسسسسسسسلمي اختي الفاضلة على مرورك
ابن النهرين- المدير العام
- الجنس :
الابراج :
عدد المساهمات : 1521
تاريخ الميلاد : 28/03/1981
تاريخ التسجيل : 25/11/2010
العمر : 43
مواضيع مماثلة
» الزمن السردي في انشودة المطر
» تابع لموضوع الاحنف بن قيس ودوره في فتح خراسان
» تابع لموضوع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
» تابع لموضوع يوم العاشر من محرم من ايام الله تعالى
» تابع لموضوع الشهيد زيد بن عليّ بن الحسين بن علي عليه السّلام
» تابع لموضوع الاحنف بن قيس ودوره في فتح خراسان
» تابع لموضوع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
» تابع لموضوع يوم العاشر من محرم من ايام الله تعالى
» تابع لموضوع الشهيد زيد بن عليّ بن الحسين بن علي عليه السّلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى